محل الدين بعيدا يتأخر عن الولادة كان للراهن ذلك، فإن كان محل الدين يتقدم على الولادة قيل: فيه قولان، وللراهن رعي الماشية بالنهار، وتأوي بالليل إلى المرتهن.
وإذا أراد الراهن أن ينتجع بها نظر فإن كانت الأرض مخصبة فيها ما يكفي الماشية لم يكن للراهن حملها إلا برضى المرتهن، وإن أجدبت الأرض ولم يكن فيها ما يتماسك به الماشية ويكتفي برعيه كان للراهن أن ينتجع، ولم يكن للمرتهن منعه منه لكن يوضع على يدي عدل تأوى إليه بالليل ويكون في حفظه ومراعاته، وإن لم ينتجع الراهن وانتجع المرتهن كان له أن ينتجع بها ولم يكن للراهن منعه منها لأن في ذلك صلاح الرهن، وإن أراد جميعا النجعة إلى جهتين مختلفتين سلم إلى الراهن لأن حقه أقوى من حق المرتهن فإنه مالك للرقبة ويجعل الماشية على يدي عدل على ما مضى.
وإن رهن عبدا صغيرا أو أمة صغيرة لم يمنع أن يعذرهما يعني يختنهما لأن ذلك من وكيد السنة، وفي أصحابنا من قال: هو واجب.
وإذا مرض واحتاج إلى شرب دواء فإنه ينظر فيه فإن امتنع منه الراهن لم يجبر عليه لأنه قد يبرأ بغير دواء ولا علاج ولا دليل على إجباره، وإن أراد المرتهن أن يفعل ذلك لم يكن للراهن منعه إذا لم يكن من الأدوية المخوفة التي فيها السموم ويخاف عاقبتها وإن أراد المرتهن أن يفعل ذلك ومنعه الراهن منه نظر فإن أراد أن يفعله بشرط الرجوع عليه لم يكن له لأنه إذا لم يجبر عليه لم يكن للمرتهن إجباره على ذلك، وإن أراد أن يفعله من غير شرط الرجوع فله أن يفعل ذلك إلا أن يكون فيه ضرر.
وأما فتح العروق فإنه لا يمنع منه لا الراهن ولا المرتهن إذا حكم الثقات من أهل الصنعة أنه لا يخاف عليه منه فإنه إن لم يفصد خيف عليه التلف أو علة مخوفة فأما إذا قيل: إن ذلك ينفع وربما ضر وخيف منه التلف فللمرتهن منعه، وإن كان به سلعة أو إصبع زايدة لم يكن للراهن قطعها لأن تركها لا يضر وقطعها يخاف منه