وكلامه في هذا الموضع لا يدل على اختيار أحد القولين، وإنما يدل على منع دلالة الآية على التحريم، وهو غير الحكم بنفيه. فمن الغريب دعوى المرتضى في الناصريات الاجماع عليه، مع أن كلامه في الإنتصار يعطي اختيار التحريم، وكذا ما يلوح من كلام ابن إدريس من شهرة القول بالحل، على أنك قد عرفت أن معظم أصحابنا المتقدمين عليه على التحريم، وأما المتأخرون فكاد يكون إجماعا منهم.
وبذلك كله يظهر لك ما في الرياض ودعواه شهرة الحل، كدعواه أن المشهور بين المخالفين التحريم، مع أن المستفاد من كلام السيد في الإنتصار كون المشهور بينهم الحل، بل قد يشعر به قول الصادق عليه السلام في خبر مرازم (1) " وقد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة " إلى آخره.
وعلى كل حال فيدل عليه - مضافا إلى ما عرفت من الاجماع المحكي - ما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (2) عن أحدهما عليهما السلام " إنه سئل عن رجل يفجر بامرأة أيتزوج ابنتها؟ قال: لا، ولكن إن كانت عنده امرأة ثم فجر بأمها أو بنتها أو أختها لم تحرم عليه امرأته، إن الحرام لا يفسد الحلال " وما رواه الشيخان في الصحيح وغيره عنه (3) عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل فجر بامرأة أيتزوج أمها من الرضاعة أو ابنتها؟ قال: لا " وصحيح منصور بن حازم (4) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل كان بينه وبين امرأة فجور، هل يتزوج ابنتها؟ فقال: إن كان قبلة أو شبهها فليتزوج ابنتها، وإن كان جماعا