ولذا لم يقع الاستثناء عنها في الحديث، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة باطلاقها أو عمومها باشتمالها على الجمع المحلي والمضاف ومن الموصولة وغير ذلك، بل ما ليس فيه شئ من أدوات العموم قد يستفاد منه ذلك بتوسط القرائن، كالتعليل بتوقع النسل وتكثير العدد (1) وتوسيع الرزق (2) والاستعانة بالزوجة على المطالب (3) فإن هذه الأمور مشتركة بين من تاقت نفسه إلى النكاح ومن لم تتق، بل انتفاء القرينة على إرادة الخصوص كاف في الحمل على العموم في هذه المقامات، لاستحالة الترجيح مع فرض عدم التعيين، ومنافاة الابهام لمقام البيان، فيتعين الحمل على العموم، ولعل تقييد بعضهم بمن تاقت لظهور بعض الروايات فيه، نحو ما تضمن النهي عن العزوبة (4) وأن المتزوج يحرز نصف دينه (5) لكن فيه أن العموم في تلك الأخبار محقق معلوم، والعلة غير معلومة وإن كانت مناسبة، فلا يجوز ترك الأمر المحقق لأجلها، مع أنها قائمة في حق غير التائق، إذ ليس المراد منه من لا شهوة له إلى النكاح أصلا، بل من لم تبلغ شهوته حد المنازعة، والوقوع في المحرم ممكن في شأنه، على أن التوقان أمر غير مضبوط الوقوع، ولا المحل، فربما يحصل مع ضيق الوقت عن كسره بالنكاح، فيخشى منه الوقوع في محرم، فلا ينبغي أن يترك النكاح المحلل ليأمن به عن مواقع الفتنة.
وأيضا فلا ريب في حسن النكاح ورجحانه لمن لم تتق بعد ثبوت إباحته له من الشرع وإن لم تتناوله عمومات النكاح لتكثير النسل، إذ الانسان مدني بالطبع يحتاج في تعيشه إلى الاجتماع، للتعاون والتشارك في تحصيل الغذاء ونحوه، وفي كثرة الخلق