الشهوات من النساء وغيرها; لا أنه شامل من تزوج على الوجه الشرعي لإرادة النسل والذرية، ورفع الوحشة من الوحدة، والإعانة على كثير من الطاعات والعبادات، وإن لم تكن نفسه تائقة إلى التزويج، على أن الآية لو كان المراد ظاهرها لنا في رجحان التزويج لمن تاقت نفسه، ضرورة أولوية اندراجه في آية التزيين من غير التائق.
وربما أجيب عن الثاني بأن الذم المستفاد من الآية مختص بمحبة ذلك للشهوة البهيمية دون إرادة الطاعة وامتثال الأمر، وفيه أن النكاح ليس من قبيل العبادات الموقوفة على إرادة الطاعة وقصد الامتثال حتى يلزم أن لا يكون فعله على غير ذلك الوجه مستحبا ومرادا، بل من المعاملات التي يكفي في رجحانها وفضيلتها ترتب الآثار والأغراض المطلوبة من الأمر عليها، وإن لم يكن وقوعها على وجه الطاعة وقصد الامتثال، ومن المعلوم أن ما يقتضي إرادة النكاح والأمر به من المصالح كتكثير النسل والأمة وإبقاء النوع والخلاص من الوحدة وغيرها مما لا يختلف الحال فيها بين أن يكون وقوع النكاح بقصد الامتثال وإرادة الطاعة، أو لميل النفس وحب الشهوة، نعم وقوعه على وجه العبادة يتوقف على أن يكون الفعل لأجل أمر الشارع وإرادته، ولا كلام فيه، فإن كل أمر مطلوب يصير بالنية وقصد الامتثال عبادة، ويحصل به التقرب، وهذا لا يقتضي توقف حصول المطلوب مطلقا على ذلك، وما يقال: إن المستحب ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، فإنما أرادوا به إثابة فاعله على بعض الوجوه، لا على كل وجه.
وتحقيق المقام أن ما أمر به الشارع إما أن يكون تعلق الأمر به لمصلحة في الفعل لا تحصل إلا بقصد الامتثال وإرادة الطاعة، بحيث لا يكون الاتيان به بدون ذلك مرادا ومطلوبا بذلك الأمر كأوامر العبادات، فإنها وإن كانت بحسب الظاهر متوجهة إلى نفس الفعل إلا أنها في الحقيقة متعلقة به من حيث إنه مأمور به ومراد للشارع، لتوقف صحتها على ذلك، وعدم حصول الامتثال بها من دونه، ولا فرق في ذلك بين أن تكون العبادة من قبيل الأفعال كالصلاة والزكاة، أو التروك كالصيام والاحرام، إذ كما لا يجزي وقوع الفعل في العبادات الوجودية على أي وجه اتفق فكذا لا يجزي الترك كذلك في العبادات العدمية، بل لا بد في كل من الفعل والترك من نية