وتيسير العبادة المطلوبين، وعلى كل حال فالغرض بيان أفضلية التزويج من غيره بشهادة المقام ودلالة العرف، فإنه إذا قيل: ليس في البلد أفضل من زيد، فهم منه أنه أفضل علماء البلد، لا نفي الأفضل منه وإن أمكن المساوي له، كما يقتضيه المعنى بحسب اللغة.
وهذه العبارة تحتمل معنيين: أحدهما أن التزويج أفضل ما يستفاد بعد حصول الاسلام، ومقتضاه أن لا فائدة فيه قبل حصوله، لا أن فضيلته متأخرة عنه، وثانيهما أن الاسلام أفضل ما استفاده المرء، ثم الأفضل من بعده التزويج، والمراد من الفائدة إما خصوص الفائدة العاجلة، كما يشعر به التعليل المستفاد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم " تسره إذا نظر إليها " إلى آخره، وحينئذ فكون التزويج أفضل الفوائد بعد الاسلام ناظر إلى ما في الاسلام من الفوائد الدنيوية، كوقاية النفس واحترام المال والعرض، أو مطلق الفوائد دنيوية كانت أو أخروية، كالعبادات، وعلى هذا فالمراد من أفضلية التزويج أفضليته من بعض الوجوه، فلا ينافي أفضلية كثير من أفراد المفضل عليه منه من وجه آخر، وليس المراد أفضلية التزويج من كل وجه، ولا الأفضلية المطلقة الراجعة إلى تعدد جهات الفضيلة في المفضل، أو تفضيل جهة الفضيلة فيه، نعم يمكن اعتبارها بالمعنى الثاني على التقدير الأول، إذ لا مانع منه، ولا يبعد اعتبارها على الثاني أيضا، لما في التزويج من الفوائد العظيمة التي من جملتها حصول النسل وتكثير النوع المعدين لاضعاف ما يقابل به من العبادات.
وفي الحديث دلالة على الاكتفاء بالاسلام في الزوجة، وعدم اشتراط الايمان فيها، لأن قوله صلى الله عليه وآله: " زوجة مسلمة " وإن كان نكرة مثبتة، إلا أن وقوعها في كلام الحكيم يقتضي عمومها.
وفي استفادة اشتراط الاسلام منه نظر من أن التقييد بالمسلمة إنما يقتضي خروج غير المسلمة عما هو الأفضل، ولا دلالة في ذلك على المنع، ومن أنه لو جاز تزويج الكافرة لما حسن التقييد فيه بالمسلمة، لتأتي وظيفة النكاح حينئذ بغيرها، وإن كان مكروها كما في سائر من يكره مناكحته، فإن الكراهة فيها لا تنافي اشتمالها على مصلحة النكاح،