لفظ الشرار لكنه محمول على المبالغة في أمر التزويج، والتشديد في كراهة العزوبة، أو على من أفضت به العزوبة إلى الوقوع في المحرم في وجه، أو أن المراد من لا خير فيه من الأراذل كما قيل في قوله تعالى حكاية عن الكفار (1): " ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار " يعنون بهم أصحاب الضعة وغيرهم من فقراء المؤمنين الذين كانوا يسخرون منهم ويستهزؤن بهم، أو أن المراد بالعزاب خصوص من لا يعتني منهم بالسنة، ولا يبالي بكمالات الشرع الشريف، ولا ريب في أنه من الأشرار.
ثم المراد بالعزب الذي هو من الأشرار والأراذل من ثبت له وصف العزوبة على الدوام، أو في غالب الأزمنة والأحوال بحيث يضمحل خلافه في جنبه، ومقتضاه استحباب أن يكون له أهل يتمكن منها غالبا، وليس المراد من ثبت له الوصف في الجملة ولو نادرا لأن جل الناس أو كلهم عزاب بهذا التفسير، إذ قل ما يتفق لأحد دوام التأهل من ابتداء البلوغ إلى حين الوفاة لا يتخلله عزوبة أصلا، وخصوصا إذا فسرنا العزوبة بما يشمل الانقطاع من الأهل أيضا، ولا من كان على صفة العزوبة حال الموت خاصة، إذ يلزم منه أن يكون المتأهل الذي اتفقت له العزوبة عند موته من الأشرار، والعزب الذي يتفق له التأهل كذلك من الأخيار، وهو بعيد جدا، فالاعتبار إذن بالغلبة كما ذكرناه، إما في كلا الأمرين أو في خصوص العزوبة عملا بمقتضى الأصل.
(ولقوله صلى الله عليه وآله) فيما رواه عنه الصادق عليه السلام في خبر القداح المروي عن الكافي (2) (ما استفاد امرء) - بفتح الراء وضمها - (فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره) - صفة بعد صفة، أو استيناف بياني، كأنه قيل وأي فضل فيها فأجيب بأنها تسره - (إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله) أي ترعى حقه، بأن لا تخونه فيهما، ولا يخفى اقتضاء اشتمال التزويج على هذه الأمور فضيلته إما لأنها مطلوبة ومرادة في ذاتها، أو لكونها مرافق لحصول الطاعة