في وقوع ما فات فيه وبالعكس، قال: والقضاء هو الاتيان بمثل الفائت في غير وقته، فيقضي التمام تماما والقصر قصرا، فالمتجه حينئذ من ذلك كله إرادة الأعم من الفريضة والنافلة إن قلنا بعدم حرمة التطوع وقت الفريضة، وإلا تعين إرادة الفريضة فيما نص فيه منها على القضاء وقت الحاضرة، ولعله من هنا حكي عن بعض علمائنا المعاصرين ممن قال بالمضايقة وحرمة التطوع وقت الفريضة الاعتراف بظهور الصحيحين في ذلك بعد أن اضطرب كلامه، فعند البحث في حرمة التطوع حملهما على قضاء الفريضة، وعند البحث في المضايقة حملهما على النافلة، وحيث كان كل منهما مخالفا لمذهبه التجأ إلى الطرح أو الحمل على التقية.
ومنها ما في كتاب غياث سلطان الورى لابن طاووس على ما في الوسائل وعن غيرها عن حريز عن زرارة (1) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (قلت له: رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك، قال:
يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك) ولعله أخذ من أصل حريز المشهور، ولذا صدره به كما هو مظنة ذلك وغيره من الأصول القديمة على ما يظهر منه في الرسالة، فيكون الحديث حينئذ صحيحا بناء على صحة طريقه إلى الكتاب المزبور كما هو الظاهر، واحتمال إرادة النافلة خاصة من الدين كما ترى لا شاهد له، بل لعل الظاهر من لفظ الدين والأنسب بحال زرارة إرادة الفريضة خاصة فضلا عما يعمهما، نعم هو لا دلالة فيه على عدم الترتيب، اللهم إلا أن يستفاد من إطلاق الأمر بالتأخير والفرض قرب وقت الصبح، ومن عدم التفصيل بين ما إذا كان القضاء كثيرا بحيث لا يسع الوقت لتقديم جميعه على صلاة الصبح وما لم يكن كذلك، فإنه لو كان الترتيب واجبا لمنع من نافلة الليل إذا توقف على تركها.