على بقاء الأمرين هنا وإن قيل بسقوطهما في غيره، إذ لا خلاف بين المسلمين في عدم سقوط القضاء بالتأخير، ولا بين القائلين بفوريته في وجوب المبادرة به بعد الاخلال، فعلى قولهم يلزم المؤخر للقضاء تجدد المعصية في كل زمان، واستحقاق العقوبة على كل تأخير، قال الآبي منهم: وعند أصحاب المضايقة لا يجوز الاخلال بالقضاء إلا لأكل أو شرب ما يسد به الرمق، أو تحصيل ما يتقوت به هو وعياله، ومع الاخلال بها يستحق العقوبة في كل جزء من الوقت.
وأما تحريم الأفعال المنافية عدا الصلاة الحاضرة في آخر وقتها وضروريات الحياة فقد صرح به المرتضى والحلي منهم، بل يظهر من المفيد والحلبيين القول به أيضا فإنهم رتبوا تحريم الحاضرة في السعة على تضيق الفائتة، وبنى المفيد تحريم النافلة لمن وجب عليه فائتة على تحريم الحاضرة، ومقتضاه استناد التحريم إلى التضاد، فيطرد في جميع الأضداد، وبناء الترتيب على المضايقة - كما صرح به الصيمري في المحكي عنه من غاية المرام ويستفاد من غيره أيضا - يعطي دخول تحريم الأضداد في هذا القول عندهم بمعنى الشرطية لا مطلق الوجوب، فيكون تحريم الضد مطلقا عندهم بمعنى الشرطية لا مطلق الوجوب بل يكون تحريم الضد مطلقا من تتمة القول المذكور، وتخصيص نسبة القول به بالمرتضى والحلي كما وقع من العلامة والشهيدين وغيرهما لاختصاصهما بالتصريح بذلك، بل قيل: إنه يلوح من ظاهر عباراتهم، وإلا فقد عزاه في التذكرة إلى السيد وجماعة، وهذا صريح في عدم اختصاصه بهما، وهذه المطالب كلها ساقطة على القول بالمواسعة المحضة، فإن أصحاب هذا القول يسقطون الترتيب ويجيزون تأخير القضاء مطلقا، ولا يوجبون العدول في الأثناء، فهذان القولان على طرفي النقيض، ولا تصريح في كلام أحد منهم بالفرق بين الواحدة والمتعددة، أو فائتة اليوم وغيرها وأسباب الفوات