الحكم، كما لا يقدح قصور السند أو الدلالة في بعض ما تقدم، واشتمال بعض الأخبار (1) على لفظ الكراهة مع احتمالها الحرمة، لما عرفت، وكذا لا يقدح ما في بعضها من تفسير قوله (عليه السلام) (2): " عورة المؤمن على المؤمن حرام " بإذاعة سره أو إذلال ذاته، أو حفظ ما يعاب عليه من كلامه لتعييره، وأنه ليس المراد منها المعنى المعروف، لما عرفت أيضا من عدم انحصار الدليل بهذه العبارة، مع إمكان إرادة المعنيين منها على نوع من المجاز، كما يقضي به الجمع بين ما تقدم وبين خبر حنان ابن سدير (3) قال: " دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ، إلى أن قال: ما يمنعكم من الإزار، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، ثم قال: سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين (عليه السلام) " وما في بعضها من عدم إرادة ذلك منها محمول على عدم إرادته بخصوصه دون غيره.
ثم الظاهر من إطلاق النص والفتوى أنه يجب الستر عن كل ناظر محترم عدا ما استثني من الزوج والزوجة ونحوهما، من غير فرق بين كونه مكلفا أو غير مكلف كالمجنون والصبي المميز، وما في بعض الأخبار المتقدمة من الرجل والمسلم والمرأة ونحو ذلك لا يقضي بالتقييد، نعم لا بأس بغير المميز كسائر الحيوانات، للأصل والسيرة القاطعة، مع عدم شمول الأدلة لمثله، لأن المتبادر من الحفظ من النظر كون النظر مقصودا للناظر لا مجرد البصر، وكذا لا فرق فيها بين كون الناظر مسلما أو كافرا ذكرا أو أنثى، وما يقال إن الإناث من الكفار بمنزلة الإماء المملوكة فيه أنه ليس في هذا الحكم، ومن ثم لم يستثنه أحد من الأصحاب في المقام، وأما حرمة النظر إلى العورة