أيضا في رواية بريد بن معاوية (1): " ولا يجزي من البول إلا الماء " خلافا للشافعي، فاجتزى بغير الماء من التمسح بالأحجار، وما تقدم عن المرتضى سابقا من الاجتزاء بالمضاف لعله لا يقول به في المقام، لعدم استثنائه من الاجماع. وإلا فهو محجوج بما تقدم وأما ما في رواية سماعة (2) قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): " إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجئ مني البلل ما يفسد سراويلي، قال: ليس به بأس " وموثقة حنان (3) قال: " سمعت رجلا سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال إني ربما بلت فلا أقدر على الماء، ويشتد ذلك علي، فقال: إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك " فهما مع الغض عما في السند معرض عنهما بين الأصحاب، لما قد عرفت من الاجماع المحصل والمنقول، بل ضرورة المذهب، والأخبار التي كادت تكون متواترة، فوجب حينئذ طرحهما، أو تأويلهما بما لا ننافي المقصود وإن بعد بحمل نفي البأس في الأول على إرادة عدم نقض التيمم به وإن كان محكوما بنجاسته، وأولى منه حملهما على التقية. ويؤيده أنها مروية عن الكاظم (عليه السلام) وقد كانت التقية في زمانه في غاية الشدة، وبحمل الثانية على إرادة مسح غير المحل النجس حتى يتخلص عن البلل الخارج منه، إذ قد يكون ذلك من الريق الذي جعله، فلا يتنجس به، أو غير ذلك. وقد تفرد الكاشاني بشئ خالف به إجماع الفرقة الناجية. بل إجماع المسلمين، بل الضرورة من الدين، مستندا إلى هاتين الروايتين ونحوهما، وهو أن المتنجس لا ينجس، بل الذي ينجس إنما هو عين النجاسة، فمتى زالت بحجر أو خرقة أو نحو ذلك لم ينجس محلها شيئا، وهو بالاعراض عنه حقيق، ولا يليق بالفقيه التصدي لرد مثل ذلك بعد ما عرفت أنه مخالف لاجماع المسلمين وضرورة الدين.
(مع القدرة) أي يجب غسل الموضع المذكور بالماء للصلاة مثلا مع القدرة.