هذا، مع أن هذه الأدلة لا تكافئ شيئا مما قدمناه، وسيما الإجماعات المحكية حد الاستفاضة، المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا، بل لعلها إجماع في الحقيقة.
ولا يقدح فيه خروج القديمين (1) لمعلومية نسبهما المانعة من القدح في الحجية; مضافا إلى الأصل وما بعده من المعتبرة (2) وإن لم يكن في المطلق صريحة، فإن محل الدلالة فيها اشتراط رضى الجاني ببذل الدية، وهو يحتمل الورود مورد الغالب، وهو حصول رضاه، كما عرفت فلا عبرة بمفهومه، كما قرر في محله، ومر غير مرة.
ويتفرع على المختار أنه إذا طلب الولي المال تخير الجاني بين دفعه وتسليم نفسه للقود، وأنه لو عفا عليه لم يصح عفوه بدون رضى القاتل، لأن حقه ليس هو المال وعفوه لم يقع مطلقا، وأنه لو عفا كذلك سقط القود ولم تلزم الدية، لأنها ليست واجبة له بالأصالة أو أحد أفراد الحق المخير حتى يوجب إسقاط أحدهما بقاء الآخر.
(ولا) يجوز أن (يقضي) الحاكم (بالقصاص ما لم يتيقن التلف بالجناية) فإن اشتبه اقتصر على القصاص في الجناية إن أمكن دون النفس فإذا قطع الجاني يد شخص مثلا فمات المجني عليه بعد ذلك ولم يعلم استناد موته إلى الجناية فلا يقتل الجاني إلا بعد تيقن حصول الموت بالجناية، ومع الاشتباه يقتصر على قطع اليد دون القتل، ووجهه واضح.
والمراد باليقين ما يعم اليقين الشرعي الحاصل من نحو الإقرار والشهادة. هذا بالنسبة إلى الحاكم.