وبالجملة ليس المستند في المسألة عدا الرواية المتقدمة، فإن قلنا باعتبارها سندا كانت هي الحجة، وإلا فالقول بما عليه الفخر (1) أقوى، لكن الشأن في إثباته وفي الاكتفاء فيه بما ذكرنا إشكال.
فالمسألة، محل تردد وإشكال، كما هو ظاهر الماتن، وصريح الفاضل في الإرشاد (2) والقواعد (3) وغيرهما.
ثم إن إطلاق العبارة بجواز الاقتصاص من القاتل بعد رد الدية عليه أو مطلقا يقتضي عدم الفرق بين كونه هو القاطع أو غيره، عفا عنه المقطوع أم لا، كما هو الأشهر الأقوى، بل عن المبسوط أنه مذهبنا (4)، للعمومات السليمة عن المعارض أصلا.
وعن المبسوط (5) حكى وجها بعدم الجواز في الصورة الأولى، مع كون الجناية الأولى معفوا عنها، أخذا من أن القتل بعد القطع كسراية الجناية الأولى، وقد سبق العفو عن بعضها، فليس له القصاص في الباقي أيضا.
وهو كما ترى، فإن القتل إحداث قاطع للسراية، فكيف يتوهم أنه كالسراية؟ وعلى تقديره فاستلزام العفو عن البعض لسقوط القود، ممنوع ويشير إليه المرسل: في رجل شج رجلا موضحة ثم يطلب فيها فوهبها له ثم انتقضت به فقتلته، فقال: هو ضامن للدية، إلا قيمة الموضحة، لأنه وهبها ولم يهب النفس (6)، الحديث. فتدبر.
* * *