لذلك يلزم أن يكون العدم أو الامتناع شيئا ثابتا لزيد ولشريك الباري تعالى؛ فيلزم انقلاب العدم إلى الوجود، والامتناع إلى الإمكان.
فأجيب عنه: بأن ثبوت شئ لشيء - الذي هو عبارة عن الكون الرابط - لا ينافي مع عدم تحقق المحمول ووجوده خارجا، وهذا نظير ما يقال: إن القضية الشرطية لا تستلزم صدق الطرفين.
ولا يخفى: أن الإشكال غير تمام في نفسه، وما أجيب عنه غير صالح للجواب:
أما الإشكال: فإنما يتوجه لو كان معنى المشتق معنى تصديقيا حاكيا عن واقع ثابت، وأما لو كان مفهومه معنى تصوريا فلم يكن فيه حكاية عن الواقع الثابت.
وبعبارة أخرى: لو كان مفهوم المعدوم أو الممتنع ذات ثبت له العدم أو الامتناع يمكن الإشكال في " زيد معدوم " و " شريك الباري ممتنع "؛ بأن الحكاية - وهي ثبوت العدم والامتناع لزيد وشريك الباري - تقتضي ثبوت المثبت له؛ فيلزم انقلاب العدم إلى الوجود، والامتناع إلى الإمكان.
وأما لو كان مفهوم المشتق معنى تصوريا - كما هو الحق، وسنبينه في كيفية بساطة المشتق - فلا يحكي عن ثبوت شئ حتى يشكل؛ فإنه على هذا لا يزيد تصور مفهوم " ضارب " مثلا على تصور " زيد "، فكما لا يكون في " زيد " حكاية تصديقية حتى يكون فيها صدق وكذب، فكذلك في مفهوم " الضارب " - وهو العنوان الذي لا ينطبق إلا على المتلبس بالفعل - لأن هذا العنوان عنوان تصوري تركيبي، ك " غلام زيد " مثلا؛ فكما لا يكون ل " غلام زيد " مطابق يحكيه، فكذلك في " ضارب ".
فتحصل: أن منشأ الإشكال هو توهم أن المشتق وضع لمعنى تصديقي. وقد عرفت: أن الموضوع له هو المعنى التصوري التركيبي، وأما إثبات العدم والامتناع للموضوع في القضايا التصديقية فإشكال آخر على حدة سندفعه قريبا إن شاء الله.
مع أنه لو كان المشتق موضوعا لمعنى تصديقي لا يختص الإشكال بصورة كونه