غاية الأمر: الداعي إلى إيقاع النسبة المذكورة إن كان هو الكشف عن وقوعها في الخارج كانت الجملة خبرية محضة، وإن كان الداعي إلى إيقاع النسبة هو التوسل والتسبب إلى وقوعها في الخارج كانت الجملة خبرية قائمة مقام الجملة الإنشائية في إفادتها الطلب؛ لدلالته بالملازمة على طلب المخبر للفعل الذي أخبر بوقوعه (1)، انتهى.
وفيه: أن ظاهر كلامه، بل صريحه يعطي بأن الجمل الخبرية لم توضع للإخبار والحكاية، بل وضعت لإيقاع النسبة بين الفاعل ومادة الفعل.
مع أن الوجدان أصدق حاكم بخلافه؛ ضرورة أنه إذا كانت الجملة الخبرية موضوعة لإيقاع النسبة لصح أن يقال في تفسير " يضرب زيد " مثلا: أوقعت النسبة بين مادة " ضرب " و " زيد "، مع أنه كما ترى. بل معناه الإخبار عن وقوع الضرب من زيد؛ ولذا يصح التعبير عنه بالجملة الاسمية؛ فيقال: " زيد ضارب غدا ".
نعم، في الجمل الخبرية المستعملة في مقام البعث والإغراء توضع النسبة بتلك الجملة، وكم فرق بين ذلك وبين كون الجملة معناها ذلك، كما لا يخفى! هذا أولا.
وثانيا: كون مفاد تلك الجمل إيقاع النسبة وتلك من دواعيها، لكن كيف صح أن يقال: إنها خبرية قائمة مقام الجملة الإنشائية؟! لأن داعي كشفها عن وقوعها في الخارج وداعي التسبب إلى وقوعها في الخارج خارجان عن حريم الموضوع له؛ فوجودهما كعدمهما.
فعلى هذا: لابد وأن تكون تلك الجمل لا خبرية ولا إنشائية، وهو كما ترى.
وثالثا: أن المقام مقام إثبات كيفية دلالة تلك الجمل على الطلب، لا أصل استعمالها فيه؛ ضرورة أن استعمال تلك الجمل في ذلك - كما أشرنا - أمر معلوم لا سترة فيه.