وعليه فبما ان الفعل الصادر تشريعا يصدر من المكلف قبيحا ومبغوضا لا يكون قابلا لان يتقرب فاعله به وإن كان الفعل راجحا في حد نفسه فاتضح من جميع ما ذكرناه ان الحرمة التشريعية كالحرمة الذاتية في دلالتها على الفساد في خصوص العبادات الا أن جهة الدلالة فيها مختلفة.
(المقصد الثالث في المفاهيم) وقبل الخوض في المقصود ينبغي تقديم مقدمه وهي انا قد ذكرنا في بحث المعاني الحرفية ان لفظ المفهوم انما يطلق على شئ باعتبار كو أنه مدركا بسيطا عقلانيا سواء وضع بازائه لفظ أم لم يوضع وسواء استعمل فيه لفظ أم لم يستعمل والمفهوم بهذا المعنى يختص بالمفاهيم الافرادية المدلول عليها بمواد الألفاظ أو بهيئاتها واما المفهوم المقابل للمنطوق الذي هو محل الكلام في المقام فهو يختص بالجمل التركيبية فلفظ المفهوم حينئذ يكون مشتركا لفظيا بين المعنيين بخلاف لفظ المدلول فإنه مشترك معنوي بينهما فيطلق على ما يستفاد من الألفاظ المفردة وعلى ما يستفاد من الجمل التركيبية بمعنى واحد ثم إن انفهام معنى خاص من لفظ مخصوص ان استند إلى وضع ذلك اللفظ بإزاء ذلك المعنى فالدلالة مطابقيه وان استند إلى وضعه بإزاء معنى اخر يستلزم انفهامه من اللفظ انفها مه فالدلالة التزامية وبهذا البيان قد خل الدلالة التضمنية في الدلالة الالتزامية ولا تكون قسما آخر في قبالها إذ اللازم في ألد لالة الالتزامية كون انفهام شئ لازما لانفهام الموضوع له كما في مثال العمى والبصر لا كون نفس ما يفهم من اللفظ لازما لنفس الموضوع له لتخرج بذلك ألد لالة التضمنية عن تعرف الدلالة الالتزامية (ثم إن) الدلالة الالتزامية تنقسم إلى قسمين لفظية وعقلية لان لزوم انفهام شئ لانفهام الموضوع له إن كان بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص كما في مثال الضوء والشمس أو العمى والبصر فالدلالة لفظية لعدم احتياج دلالة اللفظ حينئذ إلى مقدمة أخرى عقلية وإن كان بنحو اللزوم البين بالمعنى الأعم بأن يكون (1)