المولوي الشرعي به وإذا كان كذلك فبالملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع تستكشف من قبحه عقلا حرمته شرعا (فان قلت) سلمنا ان التشريع محكوم بالحرمة الشرعية الا ان ما هو قبيح بحكم العقل انما هو نفس التشريع الذي هو من سنخ الأعمال القلبية فالمحرم حينئذ هو البناء القلبي على ثبوت حكم في الشريعة في ظرف عدم العلم به ومن الواضح ان حرمة فعل قلبي لا تستلزم حرمة الفعل الخارجي ليترتب عليها بطلا أنه إذا كان عبادة (قلت) ليس الامر كذلك إذ التشريع ليس عبارة عن العمل القلبي المحض لأنه بنفسه لا يكون تصرفا في سلطان المولى وافتراء عليه بل هو داخل في باب العزم على المعصية الذي ورد في اخبار كثيرة العفو عنه كما أنه ليس عبارة عن نفس الفعل الخارجي بما هو بالضرورة بل هو عبارة عن الفعل الصادر عن هذا البناء القلبي بالجري على طبقه في الخارج ولو كان ذلك بالافتاء على طبقه فحقيقة التشريع وإن كانت متقومة بالبناء القلبي إلا أنه جهة تعليلية لصدق عنوان التشريع على ما يصدر من المكلف في الخارج من عمل أو افتاء فمصداق التشريع انما هو الفعل الصادر من المكلف وإن كان قوام كونه تشريعا هو البناء القلبي وعليه فما هو قبيح عقلا وحرام شرعا انما هو نفس الفعل الخارجي الصادر عن البناء القلبي (فان قلت) سلمنا صدق التشريع على الفعل الخارجي وكون ذلك الفعل محكوما بالحرمة شرعا ولكن مثل هذه الحرمة لا تكون مقيدة لاطلاق المأمور به بغير هذا الفعل لتكون مستلزمة لفساد، كما كان الامر كذلك في الحرمة الذاتية والسر فيه ان حرمة الفعل في موارد التشريع انما تثبت له في مرتبة عدم احراز حكم الفعل في نفسه فتكون هي في مرتبة متأخرة عن مرتبة حكم الفعل في نفسه فلا تنافي الحرمة التشريعية رجحان الفعل في نفسه ليترتب على ثبوت الحرمة تقييد متعلق الرجحان بغير متعلقها (قلت) نعم ان حرمة التشريع وان لم تكن في مرتبة رجحان الفعل الا انك قد عرفت فيما تقدم انه لا يكفي في صحة العبادة وحصول التقرب بها رجحانها في نفسها بل لا بد مع ذلك من كونه غير مزاحم بالقبح الفاعلي (1)
(٤١٢)