الضدين مقدمة للآخر لا شبهة في أن عدم كل شئ يناقض وجوده في مرتبة واحدة إذ نقيض كل وجود هو العدم البديل له لا كل عدم فعدم كل شئ اما هو في مرتبة وجود ذلك الشيئ وكذلك كل من الضدين متحد في الرتبة مع الضد الآخر لان ملاك استحالة الضدين هو ملاك استحالة النقيضين بعنيه فإذا كان ضد في مرتبة وجود الضد الآخر فلا محالة يكون عدم هذا الضد في مرتبة وجود الضد الآخر أيضا لان العدم والوجود في مرتبة واحدة فاتحاد مرتبة وجود أحدهما مع مرتبة وجود الآخر يستدعى اتحاد مرتبة عدمه مع مرتبة وجود الآخر أيضا والا لم يكن العدم والوجود في مرتبة واحدة هذا خلف ثم إن المحقق الخوانساري (قده) فصل بين الضد المعدوم والموجود فذهب إلى توقف وجود أحد الضدين على عدم الضد الآخر إذا كان موجودا لا مطلقا وبعبارة أخرى فصل بين الدفع والرفع فبنى على توقف أحد الضدين على رفع الآخر لاعلى دفعه ونسب ذلك إلى المحقق الدواني أيضا ولكن ظاهر كلام الدواني انما هو في مقام اثبات توقف مانعية المانع على وجود المقتضى فعلا مع سائر الشرايط فهو أجنبي عما اختاره المحقق الخوانساري (قده) حمله على مختاره وربما ينسب الميل إلى هذا القول إلى العلامة المحقق الأنصاري (قده) وكيف كان فغاية ما يمكن ان يقال في تقريبه هو ان المحل إذا كان مشغولا بأحد الضدين لا يكون قابلا لعروض الضد الاخر الا بعد انعدامه فلا محالة يكون وجوده متوقفا على عدم الضد الموجود وهذا بخلاف ما إذا لم يكن شئ منهما موجود وكان المحل خاليا عن كل منهما فان قابليته لعروض كل واحد منهما حينئذ فعلية ولا تتوقف على شئ فإذا وجد المقتضى لأحدهما فلا محالة يكون موجودا من دون أن يكون لعدم الاخر في وجوده (ويرد عليه) انا لو بنينا على أن الحادث لا يحتاج في بقائه إلى المؤثر وأنه مستغن عنه لتم ما ذهب إليه (قده) فان البياض مثلا إذا وجد فلا يحتاج في بقائه إلى مؤثر يؤثر فيه فلا محالة يكون وجود السواد موقوفا على انعدامه واما إذا بنينا على استحالة ذلك فان ملاك الاحتياج إلى المؤثر انما هو الامكان الذي يشترك فيه الحدوث والبقاء فالمحل
(٢٥٩)