الامامية لما اختاروا بطلان الكلام النفسي وجعلوا الإرادة مبدأ للطلب - أي طلب كان - ذهبوا إلى امتناع توجه الإرادة إلى ما لا يمكن تحققه، إما لفقدان شرط المأمور به أو لعدم قدرة المكلف.
والأشاعرة لما جعلوا الطلب غير الإرادة ولم يجعلوها من مبادئه جوزوا ذلك، وقالوا: قد يطلب المولى شيئا ولا يريده، وقد ينهى عنه وهو يريده.
ثم إن البحث قد يقع في الأوامر الشخصية، كأمره تعالى للخليل عليه السلام وقد يقع في الأوامر الكلية القانونية، فعلى الأول فلا إشكال في امتناع توجه البعث لغرض الانبعاث إلى من علم الامر فقدان شرط التكليف فيه، بل لا يمكن ذلك بالنسبة إلى من يعلم أنه لا ينبعث و لو عصيانا، بل إلى من يعلم أنه آت بنفسه بمتعلق الطلب ولا يكون الطلب مؤثرا فيه بوجه، ضرورة أن البعث لغرض الانبعاث إنما يمكن فيما يحتمل أو يعلم تأثيره فيه، ومع العلم بعدم التأثير لا يمكن البعث لغرض الانبعاث، وكذا الحال في الزجر والنهي.
ولا يخفى أن مناط امتناع إرادة البعث لغاية الانبعاث في هذه الموارد واحد، وهو عدم تحقق مبادئ الإرادة، من غير فرق بين امتناع الانبعاث ذاتا أو وقوعا أو إمكانه مع العلم بعدم وقوعه. هذا كله في الإرادة الشخصية المتوجهة إلى أشخاص معينين.
وأما الإرادة التشريعية القانونية فغايتها ليست انبعاث كل واحد واحد، بل الغاية فيها - بحيث تصير مبدأ لها - هي أن هذا التشريع بما أنه تشريع قانوني