يعقل أن يكون المنطوق غير معارض للعام مع كون المفهوم معارضا له؟ فالتعارض في المفهوم الموافق يقع ابتدأ بين المنطوق والعام، ويتبعه وقوعه بين المفهوم والعام، ولا بد أولا من علاج التعارض بين المنطوق والعام، ويلزمه العلاج بين المفهوم والعام (1).
ففيه: أنه قد يكون وقوع التعارض بين المفهوم والعام ابتدأ، ويتبعه بين المنطوق والعام، كقوله: (أكرم جهال خدام النحويين)، المفهوم منه بالأولوية وجوب إكرام النحويين، وقوله: (لا تكرم الصرفيين)، فيكون المنطوق أجنبيا عن العام، وكان التعارض ابتدأ بين العام والمفهوم، والنسبة بينهما عموم من وجه، فحينئذ لا بد من علاج التعارض ابتدأ بين العام والمفهوم، ويتبعه بين المنطوق و العام، فإذا فرض تقدم العام على المفهوم حسب القواعد يتبعه رفع اليد عن المنطوق لا محالة بمقداره. هذا حال هذا القسم من المنطوق و المفهوم.
وأما إذا كان التعارض بين المنطوق والعام، ويكون أخص منه مطلقا، فلا محالة يقدم على العام، ويتبعه تقديم المفهوم عليه ولو كان بينهما عموم من وجه، لعدم جواز رفع اليد عنه بعد القطع بالتلازم، وعدم جواز تقديم العام على الخاص.
وإن كان أعم من وجه منه يعامل معهما معاملتهما، ومع تقديمه على العام بحسب القواعد أو القرائن يقدم المفهوم أيضا، لما عرفت.