حيث عدم توجه خطاب لفظي من الله تعالى إليهم.
فالخطابات القرآنية كسائر الاحكام إنما هي بطريق الوحي إلى رسول الله بلا واسطة أو معها، وتلك الخطابات المحكية باقية إلى زماننا، ونسبة الأولين والآخرين إليها سوأ، من غير اختصاص بالحاضرين في مجلس الوحي، ضرورة أن اختصاصها بهم و تعميمها بدليل آخر لغو باطل.
مضافا إلى عدم الدليل عليه بعد كون العنوان عاما أو مطلقا، وبعد كون الخطاب الكتبي - إلى كل من يرى الكتابة - متعارفا، كما ترى في الكتب، مثل قوله: (فاعلموا يا إخواني).
ثم إن ما ذكرنا: من أن المقنن لم يكن طرف المخاطبة في القوانين الاسلامية، بل يكون المقنن غير المبلغ، لان الأول هو الله تعالى، و الثاني هو الرسول أولا، وذو الوسائط ثانيا، بتوسط الكتب وغيرها من وسائل التبليغ، سنة جارية في جميع العالم، لان المقنن في القوانين العرفية والسياسية إما شخص، أو هيئة وجماعة، ولم يتعارف أن يكون الواضع مبلغا، بل وسائل التبليغ هي الكتب والجرائد و الآلات المستحدثة في هذه الأزمنة، فالقانون الاسلامي كسائر القوانين العرفية، ولم يتخذ الاسلام طرزا (1) حادثا، فقوانينه عامة لكل من بلغت إليه بأي نحو كان من غير لزوم محذور.
ومما ذكرنا اتضح: أن التخلص عن إشكال توجه التكليف إلى المعدوم - في غير الخطابات - يمكن أن يكون بنحو القضية الحقيقية.