ولهذا يصح أن يقال: إن كل فرد من الطبيعة إما موجود أو معدوم، بلا تأول.
وإضافة (كل) إلى الطبيعة تدل على كون الاستغراق متعلقا بما يتلوه، ولما لم يتقيد بما يجعله منحصر الانطباق على الافراد المحققة، فلا محالة يكون الحكم على كل فرد منه في الماضي والحال والاستقبال، كل في موطنه، فالعقل يحكم بامتناع الصدق على المعدوم، فلم تكن الطبيعة طبيعة ولا أفرادها أفرادا حال العدم، فلا محالة يكون الحكم في ظرف صدق الطبيعة على الافراد، ف (كل نار حارة) إخبار عن مصاديق النار دلالة تصديقية، والمعدوم ليس مصداقا لشئ، كما أن الموجود الذهني ليس فردا بالحمل الشائع، فينحصر الصدق في ظرف الوجود الخارجي من غير أن يكون الوجود قيدا، ومن غير أن يفرض للمعدوم وجودا، أو ينزل منزلة الوجود، ومن غير أن تكون القضية متضمنة للشرط.
فإن تلك التكلفات - مع كونها خلاف الوجدان في إخباراتنا، ضرورة أن كل من أخبر: ب (أن النار حارة) لا يخطر بباله الافراد المعدومة، فضلا عن تنزيلها منزلة الوجود، أو الاشتراط بأنه إذا وجدت كانت كذلك - ناشئة من تخيل أن للطبيعة أفرادا معدومة، وتكون الطبيعة صادقة عليها حال العدم، ولما لم يصدق عليها الحكم لا بد من تنزيلها منزلة الموجود، أو اشتراط الوجود فيها.
وأنت خبير بأن ذلك كله في غاية السقوط، لان العدم ليس بشي، فلا تكون القضايا الحقيقية أخبارا عن الافراد المعدومة، بل أخبار عن أفراد