الثالث: الماهية اللا بشرط وإن تتحد مع ألف شرط في الوجود الخارجي مما هو خارج عن ذاتها ولاحق بها، لكن لا تكون كاشفة ودالة عليه وآلة للحاظه، لان الشئ لا يمكن أن يكون كاشفا عن مخالفاته بحسب الذات والمفهوم، وإن اتحد معها وجودا.
فالأبيض والبياض لا يمكن أن يكونا كاشفين عن الانسان والمتكمم وإن اتحدا معهما وجودا، كما أن الماهية لا تكشف عن الوجود و إن اتحدا خارجا.
فالصلاة وإن اتحدت أحيانا مع التصرف في مال الغير بلا إذنه، لكن لا يمكن أن تكون مرآة له وكاشفة عنه، فالاتحاد في الوجود غير الكشف عما يتحد به، وهو واضح.
الرابع: وهو العمدة في هذا الباب - أن متعلق الاحكام ليس الوجود الخارجي، لان تعلق الحكم بالوجود الخارجي أو الايجاد بالحمل الشائع لا يمكن إلا في ظرف تحققه، والبعث إلى إيجاد المتحقق تحصيل للحاصل، كما أن الزجر عما وجد خارجا ممتنع، ولا الوجود الذهني بما هو كذلك، لأنه غير ممكن الانطباق على الخارج، فلا محالة يكون المتعلق نفس الطبيعة، لكن لما كانت الطبيعة لا يمكن أن تصير متعلقة لحكم إلا أن تصير متصورة، والتصور هو الوجود الذهني، فلا محالة يكون ظرف تعلق الحكم بها هو الذهن، فالطبيعة متعلقة للحكم في الذهن، لا بما هي موجودة فيه، ولا بما هي موجودة في الخارج، ولا بما هي مرآة للوجود