بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٠
كما أنه ربما لا يكون موضوع الدليل بنظر العرف بخصوصه موضوعا، مثلا العنب إذا غلى يحرم كان العنب بحسب ما هو المفهوم عرفا هو خصوص العنب، ولكن العرف بحسب ما يرتكز في أذهانهم ويتخيلونه من المناسبات بين الحكم وموضوعه، يجعلون الموضوع للحرمة ما يعم الزبيب ويرون العنبية والزبيبية من حالاته المتبادلة، بحيث لو لم يكن الزبيب محكوما بما حكم به العنب، كان عندهم من ارتفاع الحكم عن موضوعه، ولو كان محكوما به كان من بقائه (1)، ولا ضير في أن يكون
____________________
(1) هذا هو الموضع الثالث من الكلام في هذا المقام الأول، وهو انه بعد ان ظهر مما مر ان المراد من بقاء الموضوع هو اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة موضوعا، وتم الاستدلال عليه... فهل المدار في اتحاد القضيتين في الموضوع هو اتحادهما بنظر العرف؟.. أو اتحادهما بحسب ما يستفاد من الدليل الدال على الحكم؟ بمعنى ان الحكم الذي ثبت بالدليل الشرعي لموضوع يكون ذلك الموضوع الذي ثبت له الحكم هو الذي يلزم ثبوته في القضية المشكوكة، فيكون الاتحاد في الموضوع بين القضيتين هو ما كان موضوعا في لسان الدليل الدال على ثبوت ذلك الحكم لموضوعه.. أو ان المدار في اتحاد القضيتين موضوعا هو اتحادهما في الموضوع بحسب نظر العقل؟
ولابد من بيان أمور ايضاحا لتحقيق الحال في هذا المقام:
الأول: بيان النسبة بين هذا الانظار الثلاثة: أي النسبة بين نظر العرف ونظر العقل، وبين نظر العرف ولسان الدليل، وبين نظر العقل ولسان الدليل، لوضوح انه إذا كانت النسبة بين هذه الثلاثة هي التساوي لا يكون مجال للبحث في أن المدار في الاتحاد على أي هذه الثلاثة، لعدم الفائدة، بخلاف ما إذا لم تكن النسبة بينها هي التساوي فان تعيين كون المدار في الاتحاد هو أحد هذه الثلاثة يترتب عليه ثمره مهمة: من جريان الاستصحاب بحسب أحد الانظار، وعدم جريانه بحسب النظرين الآخرين كما سيظهر ذلك.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 338 339 340 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست