للمخالفة القطعية الكثيرة، المعبر عنها في لسان جمع من مشايخنا بالخروج عن الدين (1)، بمعنى أن المقتصر على التدين بالمعلومات التارك للأحكام المجهولة جاعلا لها كالمعدومة، يكاد يعد خارجا عن الدين، لقلة المعلومات التي أخذ بها وكثرة المجهولات التي أعرض عنها، وهذا أمر يقطع ببطلانه كل أحد بعد الالتفات إلى كثرة المجهولات، كما يقطع ببطلان الرجوع إلى نفي الحكم وعدم الالتزام بحكم أصلا (2) لو فرض - والعياذ بالله - انسداد باب العلم والظن الخاص في جميع الأحكام، وانطماس هذا المقدار القليل من الأحكام المعلومة.
فيكشف بطلان الرجوع إلى البراءة عن وجوب التعرض لامتثال تلك المجهولات ولو على غير وجه العلم والظن الخاص، لا أن يكون تعذر العلم والظن الخاص منشأ للحكم بارتفاع التكليف بالمجهولات، كما توهمه بعض من تصدى للإيراد على كل واحدة واحدة من مقدمات الانسداد (3).
نعم، هذا إنما يستقيم في حكم واحد أو أحكام قليلة لم يوجد عليه دليل علمي أو ظني معتبر، كما هو دأب المجتهدين بعد تحصيل الأدلة والأمارات في أغلب الأحكام، أما إذا صار معظم الفقه أو كله مجهولا فلا يجوز أن يسلك فيه هذا المنهج.