بذلك المحتمل سوى الشك في البراءة أو توهمها، ولا يجوز العدول عن البراءة الظنية إليهما.
وهذا الوجه وإن كان حسنا وقد اخترناه سابقا، إلا أن ظاهر أكثر الأخبار الناهية عن القياس: أنه لا مفسدة فيه إلا الوقوع في خلاف الواقع، وإن كان بعضها ساكتا عن ذلك وبعضها ظاهرا في ثبوت المفسدة الذاتية، إلا أن دلالة الأكثر أظهر، فهي الحاكمة (1) على غيرها، كما يظهر لمن راجع الجميع، فالنهي راجع إلى سلوكه من باب الطريقية، وقد عرفت الاشكال في النهي على هذا الوجه (2).
إلا أن يقال: إن النواهي اللفظية عن العمل بالقياس من حيث الطريقية لابد من حملها - في مقابل العقل المستقل - على صورة انفتاح باب العلم بالرجوع إلى الأئمة (عليهم السلام). والأدلة القطعية منها - كالإجماع المنعقد على حرمة العمل به حتى مع الانسداد - لا وجه له غير المفسدة الذاتية، كما أنه إذا قام دليل على حجية ظن مع التمكن من العلم نحمله على وجود المصلحة المتداركة لمخالفة الواقع، لأن حمله على العمل من حيث الطريقية مخالف لحكم العقل بقبح الاكتفاء بغير العلم مع تيسره.
الوجه السابع: هو أن خصوصية القياس من بين سائر الأمارات هي غلبة مخالفتها للواقع، كما يشهد به قوله (عليه السلام): " إن السنة إذا قيست محق الدين " (3)، وقوله: " كان ما يفسده أكثر مما يصلحه " (4)، وقوله: