أما القسم الأول:
فاعتباره في الجملة مما (1) لا إشكال فيه ولا خلاف، لأن المفروض كون تلك الأمور معتبرة عند أهل اللسان في محاوراتهم المقصود بها التفهيم، ومن المعلوم بديهة أن طريق محاورات الشارع في تفهيم مقاصده للمخاطبين لم يكن طريقا مخترعا مغايرا لطريق محاورات أهل اللسان في تفهيم مقاصدهم.
وإنما الخلاف والإشكال وقع في موضعين:
أحدهما: جواز العمل بظواهر الكتاب.
والثاني: أن العمل بالظواهر مطلقا في حق غير المخاطب بها قام الدليل عليه بالخصوص - بحيث لا يحتاج إلى إثبات انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية - أم لا؟
والخلاف الأول ناظر إلى عدم كون المقصود بالخطاب استفادة المطلب منه مستقلا.
والخلاف الثاني ناظر إلى منع كون المتعارف بين أهل اللسان اعتماد غير من قصد إفهامه بالخطاب على ما يستفيده من الخطاب بواسطة أصالة عدم القرينة عند التخاطب.
فمرجع كلا الخلافين إلى منع الصغرى. وأما الكبرى - أعني كون الحكم عند الشارع في استنباط مراداته من خطاباته المقصود بها التفهيم، ما هو المتعارف عند أهل اللسان في الاستفادة - فمما لا خلاف فيه ولا إشكال.