نهيتكم عنه " (1) - ثم أدركنا ذلك الحكم إما بالعقل المستقل وإما بواسطة مقدمة عقلية، نجزم من ذلك بأن ما استكشفناه بعقولنا صادر عن الحجة صلوات الله عليه، فيكون الإطاعة بواسطة الحجة.
إلا أن يدعى: أن الأخبار المتقدمة وأدلة وجوب الرجوع إلى الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين تدل على مدخلية تبليغ الحجة وبيانه في طريق الحكم، وأن كل حكم لم يعلم من طريق السماع عنهم (عليهم السلام) ولو بالواسطة فهو غير واجب الإطاعة، وحينئذ فلا يجدي مطابقة الحكم المدرك لما صدر عن الحجة (عليه السلام).
لكن قد عرفت عدم دلالة الأخبار (2)، ومع تسليم ظهورها فهو أيضا من باب تعارض النقل الظني مع العقل القطعي، ولذلك لا فائدة مهمة في هذه المسألة، إذ بعد ما قطع العقل بحكم وقطع بعدم رضا الله جل ذكره بمخالفته، فلا يعقل ترك العمل بذلك ما دام هذا القطع باقيا، فكل ما دل على خلاف ذلك فمؤول أو مطروح.
نعم، الإنصاف أن الركون إلى العقل فيما يتعلق بإدراك مناطات الأحكام لينتقل منها إلى إدراك نفس الأحكام، موجب للوقوع في الخطأ كثيرا في نفس الأمر، وإن لم يحتمل ذلك عند المدرك، كما يدل عليه الأخبار الكثيرة الواردة بمضمون: " أن دين الله لا يصاب بالعقول " (3)، و " أنه لا شئ أبعد عن دين الله من عقول