أحدهما: من يرى (1) أن مقدمات دليل الانسداد لا تثبت إلا اعتبار الظن وحجيته في كون الشئ طريقا شرعيا مبرءا للذمة في نظر الشارع، ولا يثبت اعتباره في نفس الحكم الفرعي، زعما منهم عدم نهوض المقدمات المذكورة لإثبات حجية الظن في نفس الأحكام الفرعية، إما مطلقا أو بعد العلم الإجمالي بنصب الشارع طرقا للأحكام الفرعية.
الثاني: مقابل هذا، وهو من يرى (2) أن المقدمات المذكورة لا تثبت إلا اعتبار الظن في نفس الأحكام الفرعية، وأما الظن بكون شئ طريقا مبرءا للذمة فهو ظن في المسألة الأصولية لم يثبت اعتباره فيها من دليل الانسداد، لجريانها في المسائل الفرعية دون الأصولية.
أما الطائفة الأولى، فقد ذكروا لذلك وجهين:
أحدهما - وهو الذي اقتصر عليه بعضهم (3) - ما لفظه:
" إنا كما نقطع بأنا مكلفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة، لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع ولا بطريق معين يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذره، كذلك نقطع بأن الشارع