الاكتفاء بغيره من المكلف (1). وقد تقدم أنه لولا ثبوت القبح في التكليف بالخلاف لم يستقل العقل بتعين (2) العمل بالظن، إذ لا مانع عقلا عن وقوع الفعل الممكن ذاتا من الحكيم إلا قبحه.
والحاصل: أن الانفتاح المدعى إن كان مع قطع النظر عن منع الشارع فهو خلاف المفروض، وإن كان بملاحظة منع الشارع، فالإشكال في صحة المنع ومجامعته مع استقلال العقل بوجوب العمل بالظن، فالكلام هنا في توجيه المنع، لا في تحققه.
الرابع (3): أن مقدمات دليل الانسداد - أعني انسداد باب العلم مع العلم ببقاء التكليف - إنما توجب جواز العمل بما يفيد الظن، يعني (4) في نفسه ومع قطع النظر عما يفيد ظنا أقوى، وبالجملة: هي تدل على حجية الأدلة الظنية دون مطلق الظن النفس الأمري، والأول أمر قابل للاستثناء، إذ يصح (5) أن يقال: إنه يجوز العمل بكل ما يفيد الظن بنفسه ويدل على مراد الشارع ظنا إلا الدليل الفلاني، وبعد إخراج ما خرج عن ذلك يكون باقي الأدلة (6) المفيدة للظن حجة معتبرة، فإذا تعارضت تلك الأدلة لزم الأخذ بما هو الأقوى وترك ما هو الأضعف،