أصالة البراءة وأصالة (1) الاحتياط أو الاستصحاب (2) المطابق لإحداهما (3) في كل مورد مورد (4) من مواردها بالخصوص، إنما الممنوع جريانها في جميع المسائل، للزوم المخالفة القطعية الكثيرة ولزوم الحرج عن الاحتياط، وهذا المقدار لا يثبت إلا وجوب العمل بالظن في الجملة، من دون تعميم بحسب الأسباب ولا بحسب الموارد ولا بحسب مرتبة الظن.
وحينئذ فنقول: إنه إما أن يقرر دليل الانسداد على وجه يكون كاشفا عن حكم الشارع بلزوم العمل بالظن، بأن يقال: إن بقاء التكاليف - مع العلم بأن الشارع لم يعذرنا في ترك التعرض لها وإهمالها، مع عدم إيجاب الاحتياط علينا، وعدم بيان طريق مجعول فيها - يكشف عن أن الظن جائز العمل، وأن العمل به ماض عند الشارع، وأنه لا يعاقبنا على ترك واجب إذا ظن بعدم وجوبه ولا بفعل محرم إذا ظن بعدم تحريمه.
فحجية الظن على هذا التقرير تعبد شرعي كشف عنه العقل من جهة دوران الأمر بين أمور كلها باطلة سواه، فالاستدلال عليه من باب الاستدلال على تعيين أحد طرفي المنفصلة أو أطرافها بنفي الباقي، فيقال: إن الشارع إما أن أعرض عن هذه التكاليف المعلومة إجمالا، أو