عدم الدليل ولا نسلم عدم الدليل مع وجود الخبر.
وهذا الكلام - خصوصا الفقرة الأخيرة منه - مما يضحك الثكلى (1)، فإن عدم ثبوت كون الخبر دليلا يكفي في تحقق مصداق القطع بعدم الدليل الذي هو مجرى البراءة.
واعلم: أن الاعتراض على مقدمات دليل الانسداد بعدم استلزامها للعمل بالظن، لجواز الرجوع إلى البراءة، وإن كان قد أشار إليه صاحب المعالم وصاحب الزبدة وأجابا عنه بما تقدم (2) مع رده: من أن أصالة البراءة لا يقاوم الظن الحاصل من خبر الواحد، إلا أن أول من شيد الاعتراض به وحرره لا من باب الظن، هو المحقق المدقق جمال الدين (قدس سره) في حاشيته (3)، حيث قال:
يرد على الدليل المذكور: أن انسداد باب العلم بالأحكام الشرعية غالبا لا يوجب جواز العمل بالظن حتى يتجه ما ذكروه، لجواز أن لا يجوز العمل بالظن، فكل حكم حصل العلم به من ضرورة أو إجماع نحكم به، وما لم يحصل العلم به نحكم فيه بأصالة البراءة، لا لكونها مفيدة للظن، ولا للإجماع على وجوب التمسك بها، بل لأن العقل يحكم بأنه لا يثبت تكليف علينا إلا بالعلم به، أو بظن يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم، ففيما انتفى الأمران فيه يحكم العقل ببراءة الذمة عنه وعدم جواز العقاب على تركه، لا لأن الأصل المذكور يفيد ظنا