وأما جواز الاعتماد على الفتوى والشهادة، فلا يجوز القياس به (1)، لما تقدم في توجيه كلام ابن قبة: من أن الاقدام على ما فيه مخالفة الواقع أحيانا قد يحسن، لأجل الاضطرار إليه وعدم وجود الأقرب إلى الواقع منه كما في الفتوى، وقد يكون لأجل مصلحة تزيد على مصلحة إدراك الواقع، فراجع (2).
فالأولى لمن يريد التفصي عن هذا الإيراد: التشبث بما ذكرنا، من أن المراد ب " التبين " تحصيل الاطمئنان، وب " الجهالة ": الشك أو الظن الابتدائي الزائل بعد الدقة والتأمل، فتأمل.
وفيها (3) إرشاد إلى عدم جواز مقايسة الفاسق بغيره وإن حصل منهما الاطمئنان، لأن (4) الاطمئنان الحاصل من الفاسق يزول بالالتفات إلى فسقه وعدم مبالاته بالمعصية وإن كان متحرزا عن الكذب.
ومنه يظهر الجواب عما ربما يقال: من أن العاقل لا يقبل الخبر من دون اطمئنان بمضمونه - عادلا كان المخبر أو فاسقا -، فلا وجه للأمر بتحصيل الاطمئنان في الفاسق.
وأما ما أورد على الآية بما (5) هو قابل للذب عنه فكثير:
منها: معارضة مفهوم الآية بالآيات الناهية عن العمل بغير العلم،