هذا، ولكن قد يشكل الأمر (1): بأن ما يحكيه الشيخ عن المفيد صار خبرا للمفيد بحكم وجوب التصديق، فكيف يصير موضوعا لوجوب التصديق الذي لم يثبت موضوع الخبرية إلا به (2)؟
(1) اضطربت النسخ في تقرير الاشكال وفي بيان جوابه الحلي، كما سيوافيك. وما اخترناه مطابق لنسخة (ه)، (ت)، ومصححة (ص)، مع اختلاف يسير بينها.
(2) في (ه) بدل " لم يثبت موضوع الخبرية إلا به ": " أثبت موضوع المخبر به "، ولم ترد عبارة " ما يحكيه - إلى - الخبرية إلا به " في (ظ)، (ص)، (ل) و (م)، وورد بدلها ما يلي:
" بأن الآية إنما تدل على وجوب تصديق كل مخبر، ومعنى وجوب تصديقه ليس إلا ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على صدقه عليه، فإذا قال المخبر: إن زيدا عدل، فمعنى وجوب تصديقه: وجوب ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على عدالة زيد، من جواز الاقتداء به وقبول شهادته، وإذا قال المخبر: أخبرني عمرو أن زيدا عادل فمعنى تصديق المخبر - على ما عرفت - وجوب ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على إخبار عمرو بعدالة زيد، ومن الآثار الشرعية المترتبة على إخبار عمرو بعدالة زيد - إذا كان عادلا - وإن كان هو وجوب تصديقه في عدالة زيد، إلا أن هذا الحكم الشرعي لإخبار عمرو إنما حدث بهذه الآية، وليس من الآثار الشرعية الثابتة للمخبر به مع قطع النظر عن الآية حتى يحكم بمقتضى الآية بترتيبه على إخبار عمرو به.
والحاصل: أن الآية تدل على ترتيب الآثار الشرعية الثابتة للمخبر به الواقعي على إخبار العادل، ومن المعلوم أن المراد من الآثار غير هذا الأثر الشرعي الثابت بنفس الآية، فاللازم على هذا دلالة الآية على ترتيب جميع آثار المخبر به على الخبر إلا الأثر الشرعي الثابت بهذه الآية للمخبر به إذا كان خبرا.
وبعبارة أخرى: الآية لا تدل على وجوب قبول الخبر الذي لم يثبت موضوع الخبرية له إلا بدلالة الآية على وجوب قبول الخبر، لأن الحكم لا يشمل الفرد الذي يصير موضوعا له بواسطة ثبوته لفرد آخر.
ومن هنا يتجه أن يقال: إن أدلة قبول الشهادة لا تشمل الشهادة على الشهادة، لأن الأصل لا يدخل في موضوع الشاهد إلا بعد قبول شهادة الفرع ".
وهذه العبارة بزيادة: " ويشكل " في أولها موجودة في (ر) أيضا.