قول الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهما واحتجوا بقوله تعالى " فتصبح صعيدا زلقا " أي ترابا أملس طيبا وبما ثبت في صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء " وفي لفظ " وجعل ترابها لنا طهورا إذا لم نجد الماء " قالوا: فخصص الطهورية بالتراب في مقام الامتنان فلو كان غيره يقوم مقامه لذكره معه والطيب ههنا قيل الحلال وقيل الذي ليس بنجس كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا ابن ماجة من حديث أبي قلابة عن عمرو بن نجدان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الصعيد الطيب طهور المسلم إن لم يجد الماء عشر حجج فإذا وجده فليمسه بشرته فإن ذلك خير له " وقال الترمذي حسن صحيح وصححه ابن حبان أيضا ورواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن أبي هريرة وصححه الحافظ أبو الحسن القطان وقال ابن عباس: أطيب الصعيد تراب الحرث رواه ابن أبي حاتم ورفعه ابن مردويه في تفسيره وقوله " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " التيمم بدل عن الوضوء في التطهير به لا أنه بدل منه في جميع أعضائه بل يكفي مسح الوجه واليدين فقط بالاجماع ولكن اختلف الأئمة في كيفية التيمم على أقوال أحدها وهو مذهب الشافعي في الجديد أنه يجب أن يمسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين لان لفظ اليدين يصدق اطلاقها على ما يبلغ المنكبين وعلى ما يبلغ المرفقين كما في آية الوضوء ويطلق ويراد بهما ما يبلغ الكفين كما في آية السرقة " فاقطعوا أيديهما " قالوا: وحمل ما أطلق ههنا على ما قيد في آية الوضوء أولى لجامع الطهورية وذكر بعضهم ما رواه الدارقطني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين " ولكن لا يصح لان في إسناده ضعفا لا يثبت الحديث به وروى أبو داود عن ابن عمر في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب بيده على الحائط ومسح بها وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها ذراعيه ولكن في إسناده محمد بن ثابت العبدي وقد ضعفه بعض الحفاظ ورواه غيره من الثقات فوقفوه على فعل ابن عمر قال البخاري وأبو زرعة وابن عدي هو الصحيح وهو الصواب وقال البيهقي: رفع هذا الحديث منكر. واحتج الشافعي بما رواه عن إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه. وقال ابن جرير: حدثني موسى بن سهل الرملي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا خارجة بن مصعب عن عبد الله بن عطاء عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي جهيم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلمت عليه فلم يرد علي السلام حتى فرغ ثم قام إلى الحائط فضرب بيديه عليه فمسح بهما وجهه ثم ضرب بيديه على الحائط فمسح بهما يده إلى المرفقين ثم رد علي السلام. والقول الثاني أنه يجب مسح الوجه واليدين إلى الكفين بضربتين وهو قول الشافعي في القديم. والثالث أنه يكفي مسح الوجه والكفين بضربة واحدة. وقال الإمام أحمد:
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن ذر عن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال:
إني أجنبت فلم أجد ماء فقال عمر لا تصل قال عمار أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال " إنما كان يكفيك " وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأرض ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه. قال أحمد أيضا: حدثنا عفان حدثنا أبان حدثنا قتادة عن عروة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن عمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " في التيمم ضربة للوجه والكفين ". " طريق أخرى " قال أحمد: حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد عن سليمان الأعمش حدثنا شقيق قال: كنت قاعدا مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو يعلى لعبد الله: لو أن رجلا لم يجد الماء لم يصل؟ فقال عبد الله ألا تذكر ما قال عمار لعمر: ألا تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإياك في إبل فأصابتني جنابة فتمرغت في التراب فلما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فضحك رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وقال " إنما كان يكفيك أن تقول هكذا " وضرب بكفيه إلى الأرض ثم مسح كفيه جميعا ومسح وجهه مسحة واحدة بضربة واحدة فقال عبد الله لا جرم ما رأيت عمر قنع بذلك قال: فقال له أبو موسى فكيف بهذه الآية في سورة النساء " فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " قال: فما