الطيب فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إلى الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم ينفضوا من التراب شيئا فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط. وقد روى ابن جرير. حدثنا أبو كريب بإسناده إلى ابن أبي اليقظان قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلك عقد لعائشة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضاء الفجر فتغيظ أبو بكر على عائشة فنزلت عليه رخصة المسح بالصعيد الطيب فدخل أبو بكر فقال لها: إنك لمباركة نزلت فيك رخصة فضربنا بأيدينا ضربة لوجوهنا وضربة لأيدينا إلى المناكب والآباط.
" حديث آخر " قال الحافظ أبو بكر بن مردويه حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا الحسن بن أحمد حدثنا الليث حدثنا محمد بن مرزوق حدثنا العباس بن أبي سرية حدثني الهيثم عن زريق المالكي من بني مالك بن كعب بن سعد وعاش مائة وسبعة عشر سنة عن أبيه عن الأسلع بن شريك قال: كنت أرحل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة فكرهت أن أرحل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ثم رضفت أحجارا فأسخنت بها ماء واغتسلت ثم لحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال " يا أسلع مالي أرى رحلتك قد تغيرت؟ " قلت يا رسول الله لم أرحلها رحلها رجل من الأنصار قال " ولم؟ " قلت: إني أصابتني جنابة فخشيت القر على نفسي فأمرته أن يرحلها ورضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به. فأنزل الله تعالى " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون " إلى قوله " إن الله كان عفوا غفورا " وقد روي من وجه آخر عنه.
ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل (44) والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (45) من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا (46) يخبر تعالى عن اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة أنهم يشترون الضلالة بالهدى ويعرضون عما أنزل الله على رسوله ويتركون ما بأيديهم من العلم عن الأنبياء الأولين في صفة محمد صلى الله عليه وسلم ليشتروا به ثمنا قليلا من حطام الدنيا " ويريدون أن تضلوا السبيل " أي يودون لو تكفرون بما أنزل عليكم أيها المؤمنون وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النافع " والله أعلم بأعدائكم " أي هو أعلم بهم ويحذركم منهم " وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا " أي كفى به وليا لمن لجأ إليه ونصيرا لمن أستنصره. ثم قال تعالى " من الذين هادوا " من في هذا لبيان الجنس كقوله " فاجتنبوا الرجس من الأوثان " وقوله " يحرفون الكلم عن مواضعه " أي يتأولونه على غير تأويله ويفسرونه بغير مراد الله عز وجل قصدا منهم وافتراء " ويقولون سمعنا " أي سمعنا ما قلته يا محمد ولا نطيعك فيه هكذا فسره مجاهد وابن زيد وهو المراد وهذا أبلغ في كفرهم وعنادهم وأنهم يتولون عن كتاب الله بعدما عقلوه وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الاثم والعقوبة وقولهم " واسمع غير مسمع " أي اسمع ما نقول لا سمعت رواه الضحاك عن ابن عباس وقال مجاهد والحسن: واسمع غير مقبول منك قال ابن جرير: والأول أصح وهو كما قال وهذا استهزاء منهم واستهتار عليهم لعنة الله " وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين " أي يوهمون أنهم يقولون راعنا سمعك بقولهم راعنا وإنما يريدون الرعونة بسبهم النبي وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله " يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا " ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه ليا بألسنتهم وطعنا في الدين يعني بسبهم النبي صلى الله عله وسلم ثم قال تعالى " ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم