بأنه منقطع بين ابن أبي ليلى ومعاذ فإنه لم يلقه ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة المكتوبة كما تقدم في حديث الصديق " ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلى ركعتين إلا غفر الله له " الحديث وهو مذكور في سورة آل عمران عند قوله " ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " الآية ثم قال ابن جرير وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال عني الله بقوله " أو لامستم النساء " الجماع دون غيره من معاني اللمس لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ثم قال: حدثني بذلك إسماعيل بن موسى السدي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ. ثم قال: حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قلت: من هي إلا أنت فضحكت. وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن جماعة من مشايخهم عن وكيع به ثم قال أبو داود: روي عن الثوري أنه قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني وقال يحيى القطان لرجل أحك عني أن هذا الحديث شبه لا شئ وقال الترمذي: سمعت البخاري يضعف هذا الحديث وقال لا شك حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة وقد وقع في رواية ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد الطنافسي عن وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة وأبلغ من ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وهذا نص في كونه عروة بن الزبير ويشهد له قوله من هي إلا أنت فضحكت لكن روى أبو داود عن إبراهيم بن مخلد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي روق الهمداني الطالقاني عن عبد الرحمن بن مغراء عن الأعمش قال: حدثنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة فذكره والله أعلم. وقال ابن جرير أيضا: حدثنا أبو زيد عن عمر بن أنيس عن هشام بن عباد حدثنا مسدد بن علي عن ليث عن عطاء عن عائشة وعن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينال منى القبلة بعد الوضوء. وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي روق الهمداني عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ثم صلى ولم يتوضأ رواه أبو داود والنسائي من حديث يحيى القطان زاد أبو داود وابن مهدي كلاهما عن سفيان الثوري به. ثم قال أبو داود والنسائي لم يسمع إبراهيم التيمي من عائشة ثم قال ابن جرير أيضا. حدثنا سعيد بن يحيى الأموي حدثنا أبي حدثنا يزيد عن سنان عن عبد الرحمن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ثم لا يفطر ولا يحدث وضوءا. وقال أيضا: حدثنا أبو كريب حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل ثم يصلى ولا يتوضأ. وقد رواه الإمام أحمد عن محمد بن فضيل عن حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وقوله تعالى " فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " استنبط كثير من الفقهاء من هذه الآية أنه لا يجوز التيمم لعادم الماء إلا بعد طلب الماء فمتى طلبه فلم يجده جاز له حينئذ التيمم وقد ذكروا كيفية الطلب في كتب الفروع كما هو مقرر في موضعه كما في الصحيحين من حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال " يا فلان ما منعك أن تصلي مع القوم ألست برجل مسلم؟ " قال: بلى يا رسول الله ولكن أصابتني جنابة ولا ماء. قال: " عليك بالصعيد فإنه يكفيك " ولهذا قال تعالى " فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " فالتيمم في اللغة هو القصد تقول العرب تيممك الله بحفظه أي قصدك ومنه قول امرئ القيس شعرا:
ولما رأت أن المنية وردها * وأن الحصى من تحت أقدامها دامي تيممت العين التي عند ضارج * يفئ عليها الفئ عرمضها طامي والصعيد قيل هو كل ما صعد على وجه الأرض فيدخل فيه التراب والرمل والشجر والحجر والنبات وهو قول مالك.
وقيل: ما كان من جنس التراب كالرمل والزرنيخ والنورة وهذا مذهب أبي حنيفة. وقيل: هو التراب فقط وهو