ابن عباس في إحدى الروايات وسعيد بن جبير والضحاك نحو ذلك. وقد روى ابن جرير من حديث وكيع عن ابن أبي ليلى عن عباد بن عبد الله أو عن زر بن حبيش عن علي فذكره ورواه من طريق العوفي وأبي مجلز عن ابن عباس فذكره ورواه عن سعيد بن جبير وعن مجاهد والحسن بن مسلم والحكم بن عتبة وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن مثل ذلك وروى عن طريق ابن جرير عن عبد الله بن كثير قال كنا نسمع أنه في السفر. ويستشهد لهذا القول بالحديث الذي رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي قلابة عن عمر بن نجدان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم تجد الماء عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك فإن ذلك خير لك " ثم قال ابن جرير بعد حكايته القولين والأولى قول من قال " ولا جنبا إلا عابري سبيل " أي إلا مجتازي طريق فيه وذلك أنه قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله " وإن كنتم مرضى أو على سفر " إلى آخره فكان معلوما بذلك أن قوله " ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا " لو كان معنيا به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله " وإن كنتم مرضى أو على سفر " معنى مفهوم وقد مضى حكم ذكره قبل ذلك فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الآية " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا المساجد للصلاة مصلين فيها وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا تقربوها " أيضا جنبا حتى تغتسلوا إلا عابري سبيل قال والعابر السبيل المجتاز مرا وقطعا يقال منه عبرت بهذا الطريق فأنا أعبره عبرا وعبورا ومنه يقال عبر فلان النهر إذا قطعه وجاوزه ومنه قيل للناقة القوية على الاسفار هي عبر الاسفار لقوتها على قطع الاسفار وهذا الذي نصره هو قول الجمهور وهو الظاهر من الآية وكأنه تعالى نهى عن تعاطي الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة وهي الجنابة المباعدة للصلاة ولمحلها أيضا والله أعلم. وقوله " حتى تغتسلوا " دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل أو يتيمم إن عدم الماء أو لم يقدر على استعماله بطريقة وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد لما روى هو وسعيد بن منصور في سننه بسند صحيح: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك. قال سعيد بن منصور في سننه حدثنا عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضأوا وضوء الصلاة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم والله أعلم.
وقوله " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " أما المرض المبيح للتيمم فهو الذي يخاف معه من استعمال الماء فوات عضو أو شينه أو تطويل البرء ومن العلماء من جوز التيمم بمجرد المرض لعموم الآية وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل حدثنا قيس عن حفص عن مجاهد في قوله " وإن كنتم مرضى " قال نزلت في رجل من الأنصار كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم فيناوله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله هذه الآية هذا مرسل والسفر معروف ولا فرق فيه بين الطويل والقصير وقوله " أو جاء أحد منكم من الغائط " الغائط هو المكان المطمئن من الأرض كنى بذلك عن التغوط وهو الحدث الأصغر وأما قوله " أو لامستم النساء " فقرئ لمستم ولامستم واختلف المفسرون والأئمة في معنى ذلك على قولين " أحدهما " أن ذلك كناية عن الجماع لقوله " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها " قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله " أو لمستم النساء " قال:
الجماع. وروى عن علي وأبي بن كعب ومجاهد وطاوس والحسن وعبيد بن عمير وسعيد بن جبير والشعبي وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك وقال ابن جرير حدثني حميد بن مسعدة وحدثنا يزيد بن زريع حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال ذكروا اللمس فقال ناس من الموالي ليس الجماع وقال ناس من العرب اللمس الجماع قال