أبي طلحة عن ابن عباس " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال: قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء " يعنى يوم العيد " وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري حاجب الكعبة المعظمة وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأما عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة فكان معه لواء المشركين يوم أحد وقتل يومئذ كافرا وإنما نبهنا على هذا النسب لان كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليه هذا بهذا وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح ثم رده عليه. وقال محمد بن إسحاق في غزوة الفتح حدثني محمد بن جعفر بن الزبير بن عبيد الله بن عبد الله أبي ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس خرج حتى جاء إلى البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكن له الناس في المسجد. قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال " لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ".
وذكر بقية الحديث في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ إلى أن قال: ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله أجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أين عثمان بن طلحة؟ " فدعي له فقال له " هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم وفاء وبر " قال ابن جرير: حدثني القاسم حدثنا الحسين عن حجاج عن ابن جريج في الآية قال: نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة فدخل في البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " الآية فدعا عثمان إليه فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الآية " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك. حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا الزنجي ابن خالد عن الزهري قال: دفعه إليه وقال: أعينوه. وروى ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال " أرني المفتاح " فأتاه به فلما بسط يده إليه قام إليه العباس قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرني المفتاح يا عثمان " فبسط يده يعطيه فقال العباس مثل كلمته الأولى فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاته " فقال هاك أمانة الله قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح باب الكعبة فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم عليه الصلاة والسلام معه القداح " يستقسم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما للمشركين قاتلهم الله وما شأن إبراهيم وشأن القداح " ثم دعا بحفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه فيه ثم غمس به تلك التماثيل وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة فألزقه في حائط الكعبة ثم قال " يا أيها الناس هذه القبلة " قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت شوطا أو شوطين ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " حتى فرغ من الآية وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا فحكمها عام ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية: هي للبر الفاجر أي هي أمر لكل أحد. وقوله " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس ولهذا قال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب إن هذه الآية إنما نزلت في الامراء يعني الحكام بين الناس وفي الحديث " إن الله مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله إلى نفسه " وفي الأثر " عدل يوم كعبادة أربعين سنة " وقوله " إن الله نعما يعظكم به " أي يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس بغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة