لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم (126) ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين (127) ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (128) ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم (129) اختلف المفسرون في هذا الوعد هل كان يوم بدر أو يوم أحد؟ على قولين " أحدهما " أن قوله " إذ تقول للمؤمنين " متعلق بقوله " ولقد نصركم الله ببدر " وهذا عن الحسن البصري وعامر الشعبي والربيع بن أنس وغيرهم واختاره ابن جرير قال عباد بن منصور عن الحسن في قوله " إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة " قال: هذا يوم بدر رواه ابن أبي حاتم. ثم قال: حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا داود عن عامر يعني الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى " ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين - إلى قوله - مسومين " قال: فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد الله المسلمين بالخمسة. وقال الربيع بن أنس: أمد الله المسلمين بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف فإن قيل فما الجمع بين هذه الآية على هذا القول وبين قوله في قصة بدر " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين - إلى قوله - إن الله عزيز حكيم "؟ فالجواب أن التنصيص على الألف ههنا لا ينافي الثلاثة الآلاف فما فوقها لقوله " مردفين " بمعنى يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم. وهذا السياق شبيه بهذا السياق في سورة آل عمران فالظاهر أن ذلك كان يوم بدر كما هو المعروف من أن قتال الملائكة إنما كان يوم بدر والله أعلم. وقال سعيد بن أبي عروبة أمد الله المسلمين يوم بدر بخمسة آلاف " القول الثاني " أن هذا الوعد متعلق بقوله " وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال " وذلك يوم أحد وهو قول مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم. لكن قالوا لم يحصل الامداد بالخمسة الآلاف لان المسلمين فروا يومئذ زاد عكرمة ولا بالثلاثة الآلاف لقوله تعالى " إن تصبروا وتتقوا " فلم يصبروا بل فروا فلم يمدوا بملك واحد. وقوله تعالى " بلى إن تصبروا وتتقوا " يعني تصبروا على مصابرة عدوكم وتتقوني وتطيعوا أمري. وقوله تعالى " ويأتوكم من فورهم هذا " قال الحسن وقتادة والربيع والسدي: أي من وجههم هذا. وقال مجاهد وعكرمة وأبو صالح أي من غضبهم هذا. وقال الضحاك: من غضبهم ووجههم. وقال العوفي عن ابن عباس: من سفرهم هذا ويقال من غضبهم هذا. وقوله تعالى " يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " أي معلمين بالسيما. وقال أبو إسحق السبيعي عن حارثة بن مضرب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض وكان سيماهم أيضا في نواصي خيولهم رواه ابن أبي حاتم. ثم قال حدثنا أبو زرعة حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الآية " مسومين " قال: بالعهن الأحمر وقال مجاهد: " مسومين " أي محذفة أعرافها معلمة نواصيها بالصوف الأبيض في أذناب الخيل وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أتت الملائكة محمدا صلى الله عليه وسلم مسومين بالصوف فسوم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف وقال قتادة وعكرمة " مسومين " أي بسيما القتال. وقال مكحول: مسومين بالعمائم. وروى ابن مردويه من حديث عبد القدوس بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " مسومين " قال " معلمين " وكان سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود ويوم حنين عمائم حمر. وروي من حديث حسين بن مخارق عن سعيد عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر وقال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن مقسم عن ابن عباس قال: كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم ويوم حنين عمائم حمر. ولم تضرب الملائكة في يوم
(٤١٠)