وعده " أي أول النهار " إذ تحسونهم " أي تقتلونهم " بإذنه " أي بتسليطه إياكم عليهم " حتى إذا فشلتم " وقال ابن جريج قال ابن عباس الفشل الجبن " وتنازعتم في الامر وعصيتم " كما وقع للرماة " من بعد ما أراكم ما تحبون " وهو الظفر بهم " منكم من يريد الدنيا " وهم الذين رغبوا في المغنم حين رأوا الهزيمة " ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم " ثم أدالهم عليكم ليختبركم ويمتحنكم " ولقد عفا عنكم " أي غفر لكم ذلك الصنيع وذلك والله أعلم لكثرة عدد العدو وعددهم وقلة عدد المسلمين وعددهم قال ابن جريج: قوله " ولقد عفا عنكم " قال: لم يستأصلكم وكذا قال محمد بن إسحاق رواهما ابن جرير " والله ذو فضل على المؤمنين " قال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود حدثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله عن ابن عباس أنه قال: ما نصر الله النبي صلى الله عليه وسلم في موطن كما نصره يوم أحد فأنكرنا ذلك! فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله إن الله يقول في يوم أحد " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه " يقول ابن عباس والحسن الفشل " حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعدما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة " الآية. وإنما عنى بهذا الرماة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع وقال: " احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا نغنم فلا تشركونا " فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأناخوا عسكر المشركين أكب الرماة جميعا في العسكر ينهبون ولقد التقت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم هكذا - وشبك بين يديه - وانتشبوا فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير وقد كان النصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة وجال المشركون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار إنما كانوا تحت المهراس وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشكوا به أنه حق فلا زلنا كذلك ما نشك أنه حق حتى طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين نعرفه بكتفيه إذا مشى قال: ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا قال: فرقي نحونا وهو يقول " اشتد غضب الله على قوم ادموا وجه رسول الله ". ويقول مرة أخرى " ليس لهم أن يعلونا " حتى انتهى إلينا فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: أعل هبل - مرتين يعني إلهه - أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب؟ فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله ألا أجيبه قال " بلى " فلما قال: أعل هبل قال عمر: الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان: قد أنعمت قال: عنها فقال: أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وهذا أنا عمر قال: فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر الأيام دول وإن الحرب سجال قال: فقال عمر: لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار قال: إنكم تزعمون ذلك فقد خبنا وخسرنا إذن. فقال أبو سفيان: إنكم ستجدون في قتلاكم مثلا ولم يكن ذلك على رأي سراتنا قال: ثم أدركته حمية الجاهلية فقال: أما إنه إن كان ذلك لم نكرهه هذا حديث غريب وسياق عجيب وهو من مرسلات ابن عباس فإنه لم يشهد أحدا ولا أبوه وقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي النضر الفقيه عن عثمان بن سعيد عن سليمان بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس به وهكذا رواه ابن أبي حاتم والبيهقي في دلائل النبوة من حديث سليمان بن داود الهاشمي به ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها - فقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال: إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر إنه ليس منا أحد يريد الدنيا حتى أنزل الله " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم " فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به أفرد النبي صلى الله عليه وسلم في تسعة سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو عاشرهم صلى الله عليه وسلم فلما أرهقوه قال " رحم الله رجلا ردهم عنا " قال: فقام رجل من الأنصار فقاتل ساعة حتى قتل فلما أرهقوه أيضا قال " رحم الله رجلا ردهم عنا " فلم يزل يقول ذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه " ما أنصفنا أصحابنا " فجاء أبو سفيان فقال أعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا الله أعلى وأجل " فقالوا: الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم فقال
(٤٢١)