الفصاحة والبلاغة جعل معجزته ما كان لائقا بذلك الزمان وهو فصاحة القرآن فلما كان العرب لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع كونها أليق بطباعهم فبأن لا يؤمنوا عند إظهار سائر المعجزات أولى فهذا هو الذي قرره القاضي وهو الوجه الصحيح الذي يبقى الكلام معه منتظما.
والوجه الثاني: وهو أن المعنى أنهم لا يجحدون كون القرآن معجزا فلا يضيق قلبك بسببه إنما أنت منذر فما عليك إلا أن تنذر إلى أن يحصل الإيمان في صدورهم ولست بقادر عليهم ولكل قوم هاد، قادر على هدايتهم بالتخليق وهو الله سبحانه وتعالى فيكون المعنى ليس لك إلا الإنذار، وأما الهداية فمن الله تعالى.
واعلم أن أهل الظاهر من المفسرين ذكروا ههنا أقوالا: الأول: المنذر والهادي شيء واحد والتقدير: إنما أنت منذر ولكل قوم منذر على حدة ومعجزة كل واحد منهم غير معجزة الآخر. الثاني: المنذر محمد صلى الله عليه وسلم والهادي هو الله تعالى روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك. والثالث: المنذر النبي. والهادي علي. قال ابن عباس رضي الله عنهما: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: " أنا المنذر " ثم أومأ إلى منكب علي رضي الله عنه وقال: " أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي ".
* (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شىء عنده بمقدار * عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال * سوآء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف باليل وسارب بالنهار) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: في وجه النظم وجوه، الأول: أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم طلبوا آيات أخرى غير ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم بين أنه تعالى عالم بجميع المعلومات فيعلم من حالهم أنهم هل طلبوا الآية الأخرى للاسترشاد وطلب البيان أو لأجل التعنت والعناد، وهل ينتفعون