الكافر الإسلام مقطوع به، وكلما رب تفيد الظن، وأيضا أن ذلك التمني يكثر ويتصل، فلا يليق به لفظة * (ربما) * مع أنها تفيد التقليل.
والجواب عنه من وجوه:
الوجه الأول: أن من عادة العرب أنهم إذا أرادوا التكثير ذكروا لفظا وضع للتقليل، وإذا أرادوا اليقين ذكروا لفظا وضع للشك، والمقصود منه: إظهار التوقع والاستغناء عن التصريح بالغرض، فيقولون: ربما ندمت على ما فعلت، ولعلك تندم على فعلك، وإن كان العلم حاصلا بكثرة الندم ووجوده بغير شك، ومنه قول القائل: قد أترك القرن مصفرا أنامله والوجه الثاني: في الجواب أن هذا التقليل أبلغ في التهديد، ومعناه: أنه يكفيك قليل الندم في كونه زاجرا عن هذا الفعل فكيف كثيره؟
والوجه الثالث: في الجواب أن يشغلهم العذاب عن تمني ذاك إلا في القليل.
المسألة الرابعة: اتفقوا على أن كلمة " رب " مختصة بالدخول على الماضي كما يقال: ربما قصدني عبد الله، ولا يكاد يستعمل المستقبل بعدها. وقال بعضهم: ليس الأمر كذلك والدليل عليه قول الشاعر: ربما تكره النفوس من الأمر وهذا الاستدلال ضعيف، لأنا بينا أن كلمة " رب " في هذا البيت داخلة على الاسم وكلامنا في أنها إذا دخلت على الفعل وجب كون ذلك الفعل ماضيا، فأين أحدهما من الآخر؟ إلا أني أقول قول هؤلاء الأدباء إنه لا يجوز دخول هذه الكلمة على الفعل المستقبل لا يمكن تصحيحه بالدليل العقلي، وإنما الرجوع فيه إلى النقل والاستعمال، ولو أنهم وجدوا بيتا مشتملا على هذا الاستعمال لقالوا إنه جائز صحيح وكلام الله أقوى وأجل وأشرف، فلم لم يتمسكوا بوروده في هذه الآية على جوازه وصحته. ثم نقول إن الأدباء أجابوا عن هذا السؤال من وجهين: الأول: قالوا: إن المترقب في أخبار الله تعالى بمنزلة الماضي المقطوع به في تحققه، فكأنه قيل: ربما ودوا. الثاني: أن كلمة " ما " في قوله: * (ربما يود الذين كفروا) * اسم و * (يود) * صفة له، والتقدير: رب شيء يوده الذين كفروا. قال الزجاج: ومن زعم أن الآية على إضمار كان وتقديره ربما يود الذين كفروا فقد خرج بذلك عن قول سيبويه ألا ترى أن كان لا تضمر عنده ولم يجز عبد الله المقبول وأنت تريد كان عبد الله المقبول.
المسألة الخامسة: في تفسير الآية وجوه على مذهب المفسرين فإن كل أحد حمل قوله: