المسألة الثالثة: قال الشافعي رحمه الله: السمكة الطافية في البحر محللة. وقال أبو حنيفة رحمه الله محرمة: حجة الشافعي القرآن والخبر، أما القرآن فهو أنه يمكن أكله فيكون طعاما فوجب أن يحل لقوله تعالى: * (أحل لكم صيد البحر وطعامه) * وأما الخبر فقوله عليه السلام في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". المسألة الرابعة: قوله * (للسيارة) * يعني أحل لكم صيد البحر للمقيم والمسافر، فالطري للمقيم، والمالح للمسافر. المسألة الخامسة: في انتصاب قوله * (متاعا لكم) * وجهان: الأول: قال الزجاج انتصب لكونه مصدرا مؤكدا إلا أنه لما قيل: * (أحل لكم) * كان دليلا على أنه منعم به، كما أنه لما قيل * (حرمت عليكم أمهاتكم) * (النساء: 23) كان دليلا على أنه كتب عليهم ذلك فقال * (كتاب الله عليكم) * (النساء: 24) الثاني: قال صاحب " الكشاف " انتصب لكونه مفعولا له، أي أحل لكم تمتيعا لكم. ثم قال تعالى: * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) *. وفيه مسائل: المسألة الأولى: أنه تعالى ذكر تحريم الصيد على المحرم في ثلاثة مواضع من هذه السورة من قوله * (غير محلي الصيد وأنتم حرم) * (المائدة: 1) إلى قوله * (وإذا حللتم فاصطادوا) * (المائدة: 2) ومن ثوله * (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) * (المائدة: 95) إلى قوله * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) *. المسألة الثانية: صيد البحر هو الذي لا يعيش إلا في الماء، أما الذي لا يعيش إلا في البر والذي يمكنه أن يعيش في البر تارة وفي البحر أخرى فذاك كله صيد البر، فعلى هذا السلحفاة، والسرطان، والضفدع، وطير الماء، كل ذلك من صيد البر، ويجب على قاتله الجزاء. المسألة الثالثة: اتفق المسلمون على أن المحرم عليه الصيد، واختلفوا في الصيد الذي يصيده الحلال هل يحل للمحرم فيه أربعة أقوال: الأول: وهو قول علي وابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وطاوس، وذكره الثوري وإسحاق أنه يحرم عليه بكل حال، وعولوا فيه على قوله * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) * وذلك لأن صيد البر يدخل فيه ما اصطاده المحرم وما اصطاده الحلال، وكل ذلك صيد البر، وروى أبو داود في " سننه " عن حميد الطويل عن إسحاق بن عبد الله بن الحرث عن أبيه قال: كان الحرث خليفة عثمان على الطائف فصنع لعثمان طعاما وصنع فيه الحجل واليعاقيل ولحوم الوحش فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فجاءه الرسول فجاء فقالوا له كل فقال علي: أطعمونا قوتا حلالا فإنا حرم، ثم قال علي عليه السلام أنشد الله من كان
(٩٨)