حجة الأولين أن كلمة (أو) في أصل اللغة للتخيير، والقول بأنها للترتيب ترك للظاهر. حجة الباقين: أن كلمة (أو) قد تجيء لا لمعنى للتخيير، كما في قوله تعالى: * (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم منن خلاف) * (المائدة: 33) فإن المراد منه تخصيص كل واحد من هذه الأحكام بحالة معينة، فثبت أن هذا اللفظ يحتمل الترتيب، فنقول: والدليل دل على أن المراد هو الترتيب، لأن الواجب ههنا شرع على سبيل التغليظ بدليل قوله * (ليذوق وبال أمره.. ومن عاد فينتقم الله منه) * والتخيير ينافي التغليظ. والجواب: أن إخراج المثل ليس أقوى عقوبة من إخراج الطعام، فالتخيير لا يقدح في القدر الحاصل من العقوبة في إيجاب المثل. المسألة الثالثة: إذا قتل صيدا له مثل قال الشافعي رحمه الله: هو مخير بين ثلاثة أشياء: إن شاء أخرج المثل، وإن شاء قوم المثل بدراهم، ويشتري بها طعاما ويتصدق به، وإن شاء صام، وأما الصيد الذي لا مثل له، فهو مخير فيه بين شيئين، بين أن يقوم الصيد بالدراهم ويشتري بتلك الدراهم طعاما ويتصدق به، وبين أن يصوم، فعلى ما ذكرنا الصيد الذي له مثل إنما يشتري الطعام بقيمة مثله. وقال أبو حنيفة ومالك رحمهما الله: إنما يشتري الطعام بقيمته: حجة الشافعي أن المثل من النعم هو الجزاء والطعام بناء عليه فيعدل به كما يعدل عن الصوم بالطعام، وأيضا تقويم مثل الصيد أدخل في الضبط من تقويم نفس الصيد، وحجة أبي حنيفة رحمه الله: أن مثل المتلف إذا وجب اعتبر بالمتلف لا بغيره ما أمكن، والطعام إنما وجب مثلا للمتلف فوجب أن يقدر به. المسألة الرابعة: اختلفوا في موضع التقويم: فقال أكثر الفقهاء: إنما يقوم في المكان الذي قتل الصيد فيه. وقال الشعبي: يقوم بمكة بثمن مكة لأنه يكفر بها. المسألة الخامسة: قال الفراء: العدل ما عادل الشيء من غير جنسه، والعدل المثل، تقول عندي عدل غلامك أو شاتك إذا كان عندك غلام يعدل غلاما أو شاة تعدل شاة، أما إذا أردت قيمته من غير جنسه نصبت العين فقلت عدل. وقال أبو الهيثم: العدل المثل، والعدل القيمة، والعدل اسم حمل معدول بحمل آخر مسوى به، والعدل تقويمك الشيء بالشيء من غير جنسه. وقال الزجاج وابن الأعرابي: العدل والعدل سواء وقوله * (صياما) * نصب على التمييز، كنا تقول عندي رطلان عسلا، وملء بيت قتا، والأصل فيه إدخال حرف من فيه، فإن لم يذكر نصبته. تقول: رطلان من العسل وعدل ذلك من الصيام. المسألة السادسة: مذهب الشافعي رضي الله عنه: أنه يصوم لكل مد يوما وهو قول عطاء
(٩٥)