واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها كبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم أنهم إليه راجعون (45) ويحرق نفسه (د) وعن الشعبي: يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون لم دخلتهم النار ونحن إنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم؟ فقالوا إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله. كما قيل: من من وعظ بقوله ضاع كلامه. ومن وعظ بفعله نفذت سهامه. وقال الشاعر:
(يا أيها الرجل المعلم غيره... هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدوا لذي السقام وذي الضنا... كيما يصح به وأنت سقيم) ابدأ بنفسك فإنهما عن غيا... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى... بالرأي منك وينفع التعليم قيل: عمل رجل في الف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل، وأما من وعظ واتعظ فمحله عند الله عظيم.
روى أن يزيد بن هارون مات وكان واعظا زاهدا فرؤى في المنام فقيل له ما فعل الله بك؟
فقال غفر لي وأول ما سألني منكر ونكير فقالا من ربك فقلت أما تستحيان من شيخ دعا الناس إلى الله تعالى كذا وكذا سنة فتقولان له من ربك؟ وقيل للشبلي عند النزع قل لا إله إلا الله فقال:
إن بيتا أنت ساكنه... غير محتاج إلى السرج قوله سبحانه وتعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين، الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) في الآية مسائل:
(المسألة الأولى) اختلفوا في المخاطبين بقوله سبحانه وتعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة) فقال قوم: هم المؤمنين بالرسول قال لان من ينكر الصلاة أصلا والصبر على دين محمد صلى الله عليه وسلم لا يكاد يقال له استعن بالصبر والصلاة، فلا جرم وجب صرفه إلى من صدق بمحمد صلى لله عليه وسلم ولا يمتنع أن يكون الخطاب أولا في بني إسرائيل ثم يقع بعد ذلك خطابا للمؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم، والأقرب أن المخاطبين هم بنو إسرائيل لان صرف الخطاب إلى غيرهم يوجب تفكيك النظم. فان قيل كيف يؤمرون بالصبر والصلاة مع كونهم منكرين لهما؟ قلنا لا نسلم كونهم منكرين لهما. وذلك لان كل أحد يعلم أن الصبر على ما يجب الصبر عليه حسن وأن الصلاة التي هي تواضع للخالق الاشتغال بذكر الله تعالى يسلي عن محن الدنيا وآفاتها. إنما الاختلاف في الكيفية فان صلاة اليهود واقعة على كيفية وصلاة المسلمين على كيفية أخرى. وإذا كان متعلق الامر هو الماهية التي هي القدر المشترك زال الاشكال المذكور وعلى هذا نقول: إنه تعالى لما أمرهم بالايمان وبترك الاضلال وبالتزام الشرائع وهي الصلاة والزكاة، وكان ذلك شاقا عليهم لما فيه من ترك الرياسات