القطيعة، قال: نعم ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فهو ذاك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاقرؤوا إن شئتم "، فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، * (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) * (محمد: 33)، وهذا نص في وعيد قاطع الرحم وتفسير الآية، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف قال الله تعالى: (أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته). وفي حديث أبي بكرة أنه عليه السلام قال: " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ". الرابع: عن معاذ بن جبل قال: قال عليه السلام لبعض الحاضرين: " ما حق الله على العباد؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. قال: فما حقهم على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال: أن يغفر لهم ولا يعذبهم ". ومعلوم أن المعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط فيلزم أن لا يغفر لهم إذا لم يعبدوه. الخامس: عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا اقتتل المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار، فقال: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه " رواه مسلم. السادس: عن أم سلمة قالت: قال عليه السلام: " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ". السابع: عن أبي سعيد الخدري قال: قال عليه السلام: " والذي نفسي بيده لا يبغض أهل البيت رجل إلا أدخله الله النار "، وإذا استحقوا النار ببعضهم فلأن يستحقوها بقتلهم أولى. الثامن: في حديث أبي هريرة: أنا خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام خيبر إلى أن كنا بوادي القرى، فبينما يحفظ رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم وقتله فقال الناس هنيئا له الجنة، قال رسول الله: " كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم حنين من الغنائم لم يصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا ". فلما سمع الناس بذلك جاء رجل بشراك أو بشراكين إلى رسول الله فقال عليه السلام: شراك من نار أو شراكين من النار. التاسع: عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر وقاطع الرحم ومصدق السحر ". العاشر: عن أبي هريرة قال عليه السلام: " ما من عبد له مال لا يؤدي زكاته إلا جمع الله له يوم القيامة عليه صفائح من نار جهنم يكوي بها جبهته وظهره حتى يقضي الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ". هذا مجموع استدلال المعتزلة بعمومات القرآن والأخبار. أجاب أصحابنا عنها من وجوه. أولها: أنا لا نسلم أن صيغة " من " في معرض الشرط للعموم، ولا نسلم أن صيغة الجمع إذا كانت معرفة باللام للعموم والذي يدل عليه أمور. الأول: أنه يصح إدخال لفظتي الكل والبعض على هاتين اللفظتين، كل من دخل داري أكرمته وبعض من دخل داري أكرمته، ويقال أيضا: كل الناس كذا، وبعض الناس كذا، ولو كانت لفظة " من " للشرط تفيد الاستغراق لكان إدخال لفظ الكل عليه
(١٥٢)