عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا، فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم معه، فوكله ببيت الأصنام، فلما ذهبوا به عمد إبراهيم عليه السلام إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم، فكان يدنو من صنم صنم فيقول له: كل فإذا لم يجبه أخذه القدوم (1) فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة فقالوا: من فعل هذا بآلهتنا انه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وهو ابن آزر فجاؤوا به إلى نمرود، فقال نمرود لآزر:
خنتني وكتمت هذا الولد عنى؟ فقال: أيها الملك هذا عمل أمه وذكرت انها تقوم بحجته، فدعا نمرود أم إبراهيم فقال: ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت: أيها الملك نظرا منى لرعيتك، قال: وكيف ذلك؟
قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل، فقلت: إن كان هذا الذي تطلبه دفعته إليه ليقتله وتكف عن قتل أولاد الناس، وان لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس وصوب رأيها، ثم قال لإبراهيم: من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال إبراهيم: فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون فقال الصادق عليه السلام: والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم، فقيل:
فكيف ذلك؟ فقال: انما قال: فعله كبيرهم هذا ان نطق، وان لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا، فاستشار قومه في إبراهيم فقالوا حرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين فقال الصادق عليه السلام: كان فرعون إبراهيم لغير رشده وأصحابه لغير رشدهم فإنهم قالوا لنمرود: " حرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين " وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدهم فإنه لما استشار أصحابه في موسى عليه السلام " قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم ".
فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم