آيته في يده وعصاه، وفى الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر و غرق الله عز وجل فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه ما أرى ان الله عز وجل خلق خلقا أعلم منى، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل يا جبرئيل أدرك عبدي موسى قبل أن يهلك، وقل له: ان عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم منه، فهبط جبرئيل على موسى بما أمر الله به ربه عز وجل، فعلم موسى ان ذلك لما حدثت به نفسه، فمضى هو و فتاه يوشع بن نون عليهما السلام، حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين، فوجدا هنالك الخضر عليه السلام يتعبد الله عز وجل، كما قال الله عز وجل في كتابه: " فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا " قال له الخضر عليه السلام: " انك لن تستطيع معي صبرا " لانى وكلت بعلم لا تطيقه، ووكلت بعلم لا أطيقه، قال موسى: بل أستطيع معك صبرا، فقال له الخضر: ان القياس لا يحال له في علم الله وأمره " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال موسى ستجدني انشاء الله صابرا ولا اعصى لك أمرا " فلما استثنى المشية قبله " قال فان اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا " فقال موسى: لك ذلك على " فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها " الخضر عليه السلام فقال له موسى عليه السلام: " أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا أمرا * قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا * قال موسى لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمر عسرا * فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله " الخضر عليه السلام فغضب موسى وأخذ بتلبيبه (1) وقال له: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " قال له الخضر: ان العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره، بل أمر الله يحكم عليها، فسلم لما ترى منى واصبر عليه فقد كنت علمت أنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا آتيا أهل قرية وهي الناصرة واليها تنسب النصارى استطعما أهلها فأبوا ان يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض فوضع الخضر عليه السلام يده فأقامه فقال له موسى لو شئت لا تخذت عليه اجرا.
(٢٨١)