إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، ليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى على ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا لمرضه، وليعلموا انه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء، متى شاء كيف شاء بأي شئ شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء، وشقاوة لمن يشاء، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل في قضاءه، وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده الا الا صلح لهم ولا قوة الا بالله.
127 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
انما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس، فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فقال: قد سلطتك على دنياه، فلم يدع له دنيا ولا ولدا الا أهلك كل شئ له، وهو يحمد الله عز وجل ثم رجع إليه فقال:
يا رب ان أيوب يعلم أنك سترد إليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه تعلم أنه لا يؤدى شكر نعمة، قال الله عز وجل: قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه و لسانه وسمعه، فقال أبو بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام: فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عز وجل فتحول بينه وبينه، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.
128 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال:
لنعمة أنعم الله عليه بها فأدى شكرها، وذكر كالسابق إلى قوله: فتحول بينه وبينه، ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا: يا أيوب ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية الا لسريرة سوء، فلعلك أسررت سوءا في الذي تبدى لنا قال: فعند ذلك ناجى أيوب ربه عز وجل: رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم