سيتقدمنا (1) فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدمني فأممتهم ولا فخر، ثم أتاني الخازن بثلاثة أواني، اناء فيه لبن، واناء فيه ماء، وانا فيه خمر، وسمعت قائلا يقول: إن اخذ الماء غرق وغرقت أمته، وان اخذ الخمر غوى وغوت أمته، وان اخذ اللبن هدى وهديت أمته، قال: فأخذت اللبن وشربت منه فقال لي جبرئيل هديت وهديت أمتك، ثم قال لي: ماذا رأيت في مسيرك؟ فقلت: ناداني مناد عن يميني، فقال لي:
أو أجبته؟ فقلت: لا ولم التفت إليه، فقال: ذلك داعى اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك من بعدك، ثم قال لي ماذا رأيت؟ فقلت: ناداني مناد عن يسارى فقال لي: أو أجبته؟
فقلت: لا ولم التفت إليه، فقال: ذاك داعى النصارى ولو أجبته لنصرت أمتك من بعدك، ثم قال لي ماذا استقبلك؟ فقلت: لقيت امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا، فقالت: يا محمد انظرني حتى أكلمك، فقال لي: أو كلمتها؟ فقلت:
لم أكلمها ولم التفت إليها، فقال: تلك الدنيا ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، ثم سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرئيل: تسمع يا محمد؟ قلت: نعم، قال:
هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما، فهذا حين استقرت قالوا: فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قبض.
قال فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له إسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله عز وجل: " الا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " وتحته سبعون ألف ملك، تحت كل ملك سبعون الف ملك فقال: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: محمد قال: وقد بعث؟ قال: نعم، ففتح الباب وسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي، وقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، وتلقتني الملائكة حتى دخلت سماء الدنيا، فما لقيني ملك الا ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه، كريه المنظر ظاهر الغضب، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء الا انه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة، فقلت: من هذا يا جبرئيل فانى قد فزعت [منه]؟ فقال: يجوز أن تفزع منه فكلنا نفزع منه، ان هذا مالك خازن النار لم يضحك